وأخوة الدين تفرض التناصر بين المسلمين، لا تناصر العصبيات العمياء بل تناصر المؤمنين المصلحين لإحقاق الحق وإبطال الباطل، وردع المعتدي وإجارة المهضوم، فلا يجوز ترك مسلم يكافح وحده في معترك، بل لا بد من الوقوف بجانبه على أي حال: لإرشاده إن ضل، وحجزه إن تطاول، والدفاع عنه إن هوجم والقتال معه إذا استبيح... وذلك معنى التناصر الذي فرضه الإسلام.
قال رسول الله (ص): " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، قال: أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال: تحجزه عن ظلمه فذلك نصره ".
إن خذلان المسلم شئ عظيم، وهو - إن حدث - ذريعة خذلان المسلمين جميعا، إذ سيقضي على خلال الإباء والشهامة بينهم، وسيرضخ المظلوم طوعا أو كرها لما وقع به من ضيم.. ثم ينزوي بعيدا وتتقطع عرى الأخوة بينه وبين من خذلوه.
وقد هان المسلمون أفرادا. وهانوا أمما يوم وهت أواصر الأخوة بينهم ونظر أحدهم إلى الآخر نظرة استغراب وتنكر، وأصبح الأخ ينتقص أمام أخيه فيهز كتفيه ويمضي لشأنه كأن الأمر لا يعنيه!
إن هذا التخاذل جر على المسلمين الذل والعار. وقد حاربه الإسلام حربا شعواء، ولعن من يقبعون في ظلاله الداكنة الزرية.
قال رسول الله (ص): " لا يقفن أحدكم موقفا يضرب فيه رجل ظلما فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه " فإذا رأيت أن إساءة نزلت بأخيك أو مهانة وقعت عليه فأره من نفسك الاستعداد لمظاهرته، والسير معه حتى ينال بك الحق ويرد الظلم.
روي عن النبي (ص): " من مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت