الحق، وإسداء المعروف عن رغبة فيه لا تكليف به.
قال الله عز وجل: " والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ".
وهذه علائم الإخاء الصحيح، إخاء العقيدة الخالصة لوجه الله، لا إخاء المنافع الزائلة، ولا إخاء الغايات الدنيا. وكانت تعاليم الإسلام ترعى هذا الإخاء حتى لا يعدو عليه ما يكدره، فلا يجوز لمسلم أن يسبب لأخيه قلقا أو يثير في نفسه فزعا.
قال رسول الله (ص): " من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي، وإن كان أخاه لأبيه وأمه ".
وبهذه الوصايا كانت الأخوة تأمينا شاملا، بث في أكناف المجتمع السلام والطمأنينة...
ومما اتخذه الإسلام لصيانة الأخوة العامة، ومحو الفروق المصطنعة وتوكيد التكافؤ في الدم والتساوي في الحق، إشعار العامة والخاصة بأن التفاخر بالأنساب باطل، لأن أبوة آدم لفت أعقابه كلهم في شعار فذ، فما يفضل أحد صنوه إلا بميزة يحرزها لنفسه بكده وجده، فمن لا امتياز له بعمل جليل لم ينفعه أسلافه ولو كانوا ملوك الآخرة...
قال رسول الله (ص): " إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي: ألا إني جعلت نسبا، وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم، فأبيتم إلا أن تقولوا فلان بن فلان، فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم!! ".
وهذا مصداق قوله تعالى: " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ".