أو كثر من الناس فحسب ولكنه جملة الحقائق التي تقر الأوضاع الصحيحة بين الناس وربهم، ثم بين الناس أجمعين.
ومن ثم فأصحاب الإسلام وحملة رسالته يجب أن يستشعروا جلال العقيدة التي شرح الله بها صدورهم، وجمع عليها أمرهم، وأن يولوا التعارف عليها ما هو جدير به من عناية وإعزاز... إنه تعارف يجدد ما درس من قرابة مشتركة بين الخلق، ويؤكد الأبوة المادية المنتهية إلى آدم بأبوة روحية ترجع إلى تعاليم الأديان المخلصة في رسالة الإسلام، وبذلك يصير الدين الخالص أساس أخوة وثيقة العرى، تؤلف بين أتباعه في مشارق الأرض ومغاربها وتجعل منهم - على اختلاف الأمكنة والأزمنة - وحدة راسخة الدعامة سامقة البناء، لا تنال منها العواصف الهوج.
هذه الأخوة هي روح الإيمان الحي ولباب المشاعر الرقيقة التي يكنها المسلم لإخوانه، حتى إنه ليحيا بهم ويحيا لهم، فكأنهم أغصان انبثقت من دوحة واحدة أو روح واحدة حل في أجسام متعددة.
إن الأثرة الغالبة آفة الإنسان وغول فضائله، إذا سيطرت نزعتها على امرئ محقت خيره ونمت شره، وحصرته في نطاق ضيق خسيس لا يعرف فيه إلا شخصه ولا يهتاج بالفرح أو الحزن إلا لما يسميه من خير أو شر. أما الدنيا العريضة والألوف المؤلفة من البشر، فهو لا يعرفهم إلا في حدود ما يصل إليه عن طريقهم ليحقق آماله أو يثير مخاوفه..!!
وقد حارب الإسلام هذه الأثرة الظالمة بالأخوة العادلة، وأفهم الإنسان أن الحياة ليست له وحده، وأنها لا تصلح به وحده، فليعلم أن هناك أناسا مثله إن ذكر حقه عليهم ومصلحته عندهم فليذكر حقوقهم عليه ومصالحهم عنده.
وتذكر ذلك يخلع المرء من أثرته الصغيرة، ويحمله على الشعور بغيره حين