فإنكم بذلك تصيبون كرامة كثيرة، ولا تمضوا شيئا في وقت الضجر، وامتحنوا الأصدقاء قبل أن تصادقوهم ولا تصادقوهم قبل الامتحان.
ولا تقوموا في الأسواق وإن استطعتم ألا تمشوا فيها فافعلوا فإن الأسواق مزابل المدن، وليس يجد الإنسان على المزابل شيئا نظيفا ولا طيبا طاهرا.
ولا تصغوا إلى أقاويل العامة، وبخاصة أهل السوق فإنهم همج رعاع ولا تحصيل عندهم ولا رأي لهم ولا معرفة حقيقية، ولا تطلعوا أحدا على أسراركم وكلموا الرؤساء بتواضع ولطف. ولا يعظمن في صدوركم ما يعظم في عين كثير من الناس من أعراض هذه الدنيا.
وإذا أنكرتم شيئا على إنسان يهمكم أمره فعاتبوه عليه من وقته، ولا تكونوا ذوي وجهين ولسانين، ولا تكن مودتكم متقلبة كاختلاف ضوء القمر وكونوا كالشمس التي نورها فيها دائم لا يزيد ولا ينقص، ولا تتبعوا شهوات الناس في الأحكام، لكن كونوا حكماء بلا محاباة لأحد منهم، ولا تغتابوا من غاب عنكم، ولا تحلفوا يمينا إرضاء للناس، ولا تقيموا في ظل ملوك إن كانوا لكم غاصبين، واحذروا الملاهي الشائنة لكم واللعب المضل لأذهانكم ولا تواصلوا الضحك، ولا تميلوا إلى الخدع الآخذة بالعين التي تحدث في أنفسكم اضطرابا ولا تجالسوا من يزينوا لكم الشهوات القبيحة.
احذروا العدو الذي يريكم الصداقة، والأخ الذي لا صدق لكلامه ولا صحة لضمانه ولا صواب في منطقه، والذي ينبغي للأحداث أن يأخذوا طرفا من الأسباب التي يحتاج إليها في تدبير الحروب وترتيب الصفوف وتعلم المثاقفة والرمي والمصارعة والطلب والهرب من غير استهانة ولا انهماك فيه، وليتعودوا ركوب الخيل وجريها والعمل بالسلاح.
وينبغي أن ينظروا في الموسيقى فإنها من التعاليم الأربعة حتى يقفوا على