أهل اللغة؛ فقد حكى أبو زيد: العرب تقول: انبغى له الشيء ينبغي انبغاء، قال: والصحيح أن استعماله بلفظ الماضي قليل، والأكثر من العرب لا يقوله، فهو نظير يدع وودع إذ كان ودع لا يستعمل إلا في القليل، وقد استعمل سيبويه انبغى في عبارته في باب منصرف رويد. قال شيخنا: وقد ذكر انبغى غير أبي زيد نقله الخطابي عن الكسائي والواحدي عن الزجاج وهو في الصحاح وغيره واستعمله الشافعي كثيرا وردوه عليه وانتصر له البيهقي في الانتصار بمثل ما هنا؛ وعلى كل حال هو قليل جدا وإن ورد، انتهى.
* قلت: أما قول الزجاج فقد قدمناه، وأما نص الصحاح فقال: وقولهم: ينبغي لك أن تفعل كذا، هو من أفعال المطاوعة. يقال: بغيته فانبغى كما تقول كسرته فانكسر.
وإنه لذو بغاية، بالضم: أي كسوب.
وفي المحكم: ذو بغاية للكسب إذا كان يبغي ذلك.
وقال الأصمعي: بغى الرجل حاجته أو ضالته يبغيها بغاء وبغية وبغاية، إذا طلبها؛ قال أبو ذؤيب:
بغاية إنما يبغي الصحاب من ال * فتيان في مثله الشم الأناجيح (1) وبغت (2) المرأة تبغي بغيا، وعليه اقتصر ابن سيده.
وفي الصحاح: بغت المرأة بغاء، بالكسر والمد؛ وباغت مباغاة وبغاء.
قال شيخنا: ظاهره أن المصدر من الثلاثي البغي وأنه يقال باغت بغاء، والأول صحيح، وأما باغت فغير معروف وإن ورد سافر ونحوه لأصل الفعل بل صرح الجماهير بأن البغاء مصدر لبغت الثلاثي لا يعرف غيره، والمفاعلة وإن صح، ففيه بعد ولم يحمل أحد من الأئمة الآية على المفاعلة بل حملوها على أصل الفعل؛ انتهى .
* قلت: وهذا الذي ذكره كله صحيح، إلا أن قوله: وأما باغت فغير معروف ففيه نظر. فقال ابن خالويه: البغاء مصدر بغت المرأة وباغت؛ وفي الصحاح: خرجت الأمة تباغي أي تزاني؛ فهذا يشهد أن باغت معروف، وجعلوا البغاء، على زنة العيوب كالحران والشراد لأن الزنا عيب.
وقوله تعالى: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) (3)، أي الفجور فهي بغي؛ ولا يقال ذلك للرجل، قاله اللحياني.
ولا يقال للمرأة بغية.
وفي الحديث: " امرأة بغي دخلت الجنة في كلب "، أي فاجرة. ويقال للأمة بغي وإن لم يرد به الذم، وإن كان في الأصل ذما.
وقال شيخنا: يجوز حمله على فعيل، كغني؛ وأما في آية السيدة مريم فالذي جزم به الشيخ ابن هشام وغيره أن الوصف هناك على فعول وأصله بغوي، ثم تصرفوا فيه، ولذلك لم تلحقه الهاء.
ويقال أيضا: امرأة بغو، كما في المحكم. وكأنه جيء به على الأصل.
قال شيخنا: وأما قوله بغو بالواو فلا يظهر له وجه، لأن اللام ليست واوا اتفاقا، ولا هناك سماع صحيح يعضده، مع أن القياس يأباه، انتهى.
* قلت: إذا كان بغيا أصله فعول كما قرره ابن هشام، فقلبت الياء واوا ثم أدغمت، فالقياس لا يأباه، وأما السماع الصحيح فناهيك بابن سيده ذكره في المحكم وكفى به قدوة، فتأمل.
عهرت، أي زنت، وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها.
والبغي: الأمة، فاجرة كانت أو غير فاجرة؛ أو الحرة الفاجرة، صوابه: أو الفاجرة حرة كانت أو أمة.
وقوله تعالى: (وما كانت أمك بغيا) (4)؛ أي ما كانت