من الصحابة والتابعين بهذه الكثرة العجيبة على خصومهم، في صفين وغيرها واهتمامهم الواضح بهذا الامر ليدل على ذلك دلالة واضحة.
ولم نجد أحدا من أعدائه (عليه السلام) حاول إنكار ذلك، أو التشكيك فيه، أو طرح اسم رجل آخر على أنه هو صاحب هذه الفضيلة دونه، رغم توفر الدواعي لذلك، ورغم أن الطرف المقابل لا يتورع حتى عن الاختلاق والكذب على الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل على الله سبحانه وتعالى. فلو أنهم عرفوا: أن كذبتهم هذه تجوز على أحد لكانوا لها من المبادرين. ولكن التسالم على هذا الامر كان بحيث لا يمكنهم معه الترسل بأية حيلة، فكل ذلك يدل على أن ذلك قد كان أمرا مسلما به ومجمعا عليه، ولا يمكن إنكاره لاحد.
وكشاهد على هذا التسالم نذكر هنا حادثة واحدة فقط، جرت لسعد بن أبي وقاص، الذي كان منحرفا عن علي (عليه السلام)، - كما سيأتي في معركة أحد إن شاء الله تعالى - ونترك ما عداها وهو كثير جدا.
وهذه الحادثة هي أنه:
سمع رجلا يشتم عليا، فوقف عليه وقرره بقوله: يا هذا، علاما تشتم علي بن أبي طالب؟ ألم يكن أول من أسلم؟ ألم يكن أول من صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ألم يكن أعلم الناس؟ إلخ (1).
كما أن المقداد كان يتعجب من قريش لدفعها هذا الامر عن أول المؤمنين إسلاما، يعني عليا (2).