(من لاه أي من إلاهيته من إنيته (1) الذي تبدئ (2) منه) (3) وتجلى لموسى بن عمران عليه السلام في طور سيناء، فما استقر له ولا أطاق موسى لرؤيته، ولا ثبت له حتى خر صعقا (4) مغشيا عليه وكان ذلك النور نور محمد صلى الله عليه وآله.
فلما أراد أن يخلق محمدا منه قسم ذلك النور شطرين: فخلق من الشطر الأول محمدا، ومن الشطر الآخر علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم يخلق من ذلك النور غيرهما خلقهما الله بيده ونفخ فيهما بنفسه من نفسه (لنفسه) (5) وصورهما على صورتهما وجعلهما امناء له وشهداء على خلقه، وخلفاء على خليقته، وعينا له عليهم، ولسانا له إليهم قد استودع فيهما علمه، وعلمهما البيان، واستطلعهما على غيبه (وعلى نفسه) (6) وجعل أحدهما نفسه والآخر روحه، لا يقوم واحد بغير صاحبه، ظاهرهما بشرية وباطنهما لاهوتية، ظهروا للخلق على هياكل الناسوتية حتى يطيقوا رؤيتهما، وهو قوله تعالى * (وللبسنا عليهم ما يلبسون) * (7) فهما مقاما رب العالمين وحجابا خالق الخلائق أجمعين بهما فتح الله، بدء الخلق، وبهما يختم الملك والمقادير.
ثم اقتبس من نور محمد فاطمة عليهما السلام ابنته كما اقتبس (نور علي) (8) من نوره واقتبس من نور فاطمة وعلي الحسن والحسين كاقتباس المصابيح، هم خلقوا من الأنوار وانتقلوا من ظهر إلى ظهر، وصلب إلى صلب، ومن رحم إلى رحم في الطبقة العليا من غير نجاسة، بل نقلا بعد نقل، لا من ماء مهين، ولا نطفة خشرة (9) كسائر خلقه، بل أنوار