وذكر علي بن إبراهيم أن المخاطبة لقوله عز وجل * (من يرتد منكم عن دينه) *، لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله الذين ارتدوا بعد وفاته فغصبوا (1) آل محمد - سلام الله عليهم - حقوقهم وقوله * (فسوف يأتي الله بقوم) * الآية فإنها نزلت في القائم من آل محمد صلوات الله عليهم (2).
ويدل على ذلك قوله * (فسوف يأتي الله) * في المستقبل، وأن المعني به غير موجود في زمن النبي صلى الله عليه وآله بل منتظرا وهو القائم المنتظر عليه السلام وعلى آبائه (السادة الغرر) ما رفع سحاب وهمر، وغاب نجم وظهر.
واعلم أنه لما أخبر الله سبحانه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بأن الذي يرتد عن دينه أن سوف يأتي الله بقوم، ثم وصفهم بصفات ليست في (3) المرتدين منهم، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله عرفهم من القوم المعينين، وأنهم علي أمير المؤمنين وذريته الطيبين.
فقال سبحانه للمرتدين: إن شئتم أو أبيتم ولاية أمير المؤمنين أيها المرتدون.
قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون [55] ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون [56] معنى تأويله: أنه لما أراد الله سبحانه أن يبين لخلقه من الأولياء قال:
* (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) * فالولي هنا هو الأولى بالتصرف لقوله تعالى * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * والولي أيضا هو الذي تجب طاعته ومن تجب طاعته تجب معرفته لأنه لا يطاع إلا من يعرف، ولان الولي ولي نعمة والمنعم يجب شكره ولا يتم شكره إلا بعد معرفته، فلما بين سبحانه الأولياء بدأ بنفسه ثم ثنى برسوله، ثم ثلث بالذين آمنوا، فلما علم سبحانه أن الامر يشتبه على الناس وصف الذين آمنوا بصفات خاصة لم يشركهم بها أحد فقال * (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *.