ثم قالوا لهم: ربكم يقرئكم السلام أفتزورونه؟ فينظر إليكم ويحييكم ويزيدكم من فضله وسعته، فإنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. قال: فيتحول كل رجل منهم على راحلته، فينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفهم بثمارها وخلت لهم عن طريقهم كراهية أن تثلم طريقهم، وأن تفرق بين الرجل ورفيقه فلما رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى قالوا:
ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك تحف (1) الجلال والاكرام. قال:
فقال لهم الرب: أنا السلام ومني السلام ولي تحف (2) الجلال والاكرام فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل بيت بيتي ورعوا حقي، وخافوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين. قالوا: أما وعزتك وجلالك ما قدرناك حق قدرك، وما أدينا إليك كل حقك، فأذن لنا بالسجود. وقال لهم ربهم عز وجل:
إنني قد وضعت عنكم مؤنة العبادة، وأرحت لكم أبدانكم، فطالما أتعبتم لي الأبدان وعنيتم لي بالوجوه، فالآن أفضيتم إلى روحي ورحمتي، فاسألوني ما شئتم، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم فاني لم أجزكم بأعمالكم، ولكن برحمتي وكرامتي و طولي وعظم شأني وبحبكم أهل بيت نبي محمد صلى الله عليه وآله، فلا يزال يا مقداد محبوا علي بن أبي طالب عليه السلام في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى أمنيته مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة.
قال لهم ربهم تبارك وتعالى: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم انظروا إلى مواهب ربكم. فإذا بقباب وقصور في أعلى عليين من الياقوت الأحمر والأخضر والأبيض والأصفر، يزهر نورها، وأخذ في وصف تلك القصور بما يحير فيه الألباب ويقضي إلى العجب العجاب. إلى أن قال:
فلما أرادوا الانصراف إلى منازلهم، حولوا على براذين من نور، بأيدي