والسر في ذلك أن جنس الصوم له أنواع منها: صوم شهر رمضان، ومنها صوم النذر، ومنها صوم الكفارة، ومنها صوم القضاء، ومنها غير ذلك، فالمكلف بأحدها - وإن كان معينا عليه - ليس له الاكتفاء بجنس الصوم، بناء على ما قرروه في باب نية الصلاة من وجوب قصد نوع الفريضة كالظهرية - مثلا - من غير تقييد بما إذا كان عليه نوعان (1).
وحينئذ فمن نذر صوم الغد فلا يجوز له الاقتصار على قصد جنس الصوم في الغد، بل لا بد من ضمن قيد كونه صوم النذر، ومجرد قصد كونه في الغد لا يوجب قصد نوع صوم النذر، إذ الصوم الواقع في الغد بمفهومه جنس قابل الصوم النذر وغيره، وإن كان الواجب أن لا يوقع في الغد غير النوع الخاص من هذا الجنس، لكن مجرد استحضار صوم الغد ليس استحضارا لذلك النوع - كما في صلاة الظهر المنذور فعلها في وقت خاص -.
وأما استحضار نوع صوم شهر رمضان فيحصل بمجرد قصد صوم الغد الذي هو من أيام شهر رمضان، فإن صوم الغد يعني صوم يوم من أيام شهر رمضان، فظرف " الغد " - هنا - مقوم للنوع، وفصل ينضم إلى جنس الصوم، وفي النذر مجرد ظرف لجنس الصوم فلا بد من ضم منوع له. وهذا (2) بخلاف زمان شهر رمضان فإنه داخل في حقيقة الصوم المعين، وبه يمتاز عن سائر حقائق الصوم، ولأجله أختص عن غيره بأحكام، فمجرد استحضار صوم الغد استحضار للمأمور به (3)، بل ليس لهذا الصوم مميز عن غيره (4).