إذ فيه: أن منافاة هذا العزم لأصل النية كافية في البطلان بعد ثبوت وجوب تلبس مجموع العمل بالنية بمقتضى عموم مثل قوله: " لا عمل إلا بنية " (1) وخروج بعض الصور - مثل صورة النوم أو عدم القدرة على المفطر - لا يوجب التعدي إلى غيرها.
إلا أن يقال: إن المراد بالنية - في قوله عليه السلام: " لا عمل إلا بنية " ونحوه - إن كان هي الصورة المخطرة المقارنة في بعض العبادات والمتقدمة بزمان خاص في بعضها الآخر كالصوم، فالمفروض حصولها فيما نحن فيه.
وإن كان المراد بها هي الداعية إلى العمل - ويكون مقتضى الرواية وجوب تلبس مجموع العمل جزء فجزء بها - فنقول: إن الرواية ومثلها مختصة بما إذا أمكن استناد مجموع العمل إلى النية (2) - كما في الوجوديات المحضة - وأما في التروك المستمرة فاستناد مجموع أجزائها إلى الباعث الأول غير ممكن مع تحقق أسباب عدم القدرة على الفعل والغفلة (3) في بعض الآنات.
فالحاصل: أن قوله: " لا عمل إلا بنية " إنما يدل على فساد العمل الخالي عن النية لأجل خلوه عنها، وبعد تقييد ذلك بصورة الامكان فالعمل الذي لا يمكن فيه ذلك لا فساد فيه، لأجل خلوه جزء فجزء عن النية، فيثبت صحته بالاطلاقات.
ودعوى بدلية استمرار النية حكما عن النية الحقيقية - في وجوب تلبس كل جزء به - محتاجة إلى البينة (4).
فالأقوى: ما ذهب إليه المشهور من عدم البطلان، لأصالة البراءة عن