أربعين بيتا ليس فيها حرف يعجم قال ولم أجد هذه القصيدة في شعر ابن هرمة ولا كنت أظن أن أحدا تقدم رزبنا العروضي إلى هذا الباب وأولها:
ارسم سودة امسى دارس الطلل معطلا رده الأحوال كالحلل قال ووجدتها في رواية الأصمعي ويعقوب بن السكيت اثني عشر بيتا فنسختها للحاجة إلى ذلك وليس فيها حرف يعجم إلا ما اصطلح عليه الكتاب من تصييرهم مكان ألف ياء مثل أعلى فإنها في اللفظ بالألف وتكتب بالياء ومثل رأى ونحو هذا وهو في التحقيق في اللفظ بالألف وأنم اصطلح الكتاب على كتابته بالياء انتهى وإلا هاء التأنيث التي تلفظ هاء في الوقف وتاء في الدرج فكانهم اعتبروها حرفا مهملا لذلك. والقصيدة:
ارسم سودة محل دارس الطلل * معطل رده الأحوال كالحلل لما رأى أهلها سدوا مطالعها * رام الصدود وعاد الود كالمهل وعاد ودك داء لا دواء له * ولو دعاك طوال الدهر للرحل ما وصل سودة إلا وصل صارمه * أحلها الدهر درا ماكل الوعل وعاد أمواهها سدما وطار لها * سهم دعا أهلها للصرم والعلل صدوا وصد وساء المرء صدهم * وحام للورد ردها حومة العلل (1) وحلؤه رداها ماؤها عسل * ما ماء رده لعمر الله كالعسل دعا الحمام حماما سد مسمعه * لما دعاه ودهر طامح الأمل طموح سارحة حوم ملمعة * وممرع السر سهل ما كد السهل وحاولوا رد أمر لا مرد له * والصرم داء لأهل اللوعة الوصل أحلك الله أعلى كل مكرمة * والله أعطاك أعلى صالح العمل سهل موارده سمح مواعده * مسود لكرام سادة حمل من سائر شعره في الأغاني بسنده كان المسور بن عبد الملك المخزومي يعيب شعر ابن هرمة وكان المسور هذا عالما بالشعر والنسيب فقال ابن هرمة فيه:
إياك لا الزمن لحييك من لجمي * نكلا ينكل قراضا من اللجم يدق لحييك أو تنقاد متبعا * مشي المقيد ذي القردان والحلم اني إذا ما امرؤ خفت نعامته * إلي واستحصدت منه قوى الوذم عقدت في ملتقى أوداج لبته * طوق الحمامة لا يبلى على القدم اني امرؤ لا أصوع الحلي تعمله * كفاي لكن لساني صائغ الكلم اخباره في الأغاني بسنده عن عبد الله بن مصعب الزبيري عن أبيه قال لقيني ابن هرمة فقال لي يا ابن مصعب أتفضل علي ابن أذينة أ ما شكرت قولي:
فما لك مختلا عليك خصاصة كأنك لم تنبت ببعض المنابت كأنك لم تصحب شعيب بن جعفر ولا مصعبا ذا المكرمات ابن ثابت يعني مصعب بن عبد الله فقلت يا أبا إسحاق أقلني الخبر وبسنده عن ابن هرمة ما رأيت أسخى ولا أكرم من رجلين إبراهيم بن عبد الله بن مطيع وإبراهيم بن طلحة بن عمرو بن عبد الله بن معمر اما إبراهيم بن طلحة فاتيته فقال أحسنوا ضيافة أبي إسحاق فاتيت بكل شئ من الطعام فأردت ان أنشده فقال ليس هذا وقت الشعر ثم اخرج الغلام إلي رقعة فقال ائت بها الوكيل فاتيته بها فقال إن شئت أخذت جميع ما كتب به وان شئت أعطيتك القيمة قلت وما أمر لي به قال مائتا شاة برعائها وأربعة اجمال وجمال ومظلة وما تحتاج إليه وقوتك وقوت عيالك سنة قلت فاعطني القيمة فأعطاني مائتي دينار واما إبراهيم بن عبد الله فاتيته بمنزله في مشاش فدخل إلى منزله ثم خرج إلي برزمة من ثياب وصرة من دراهم ودنانير وحلي ثم قال لا والله ما بقينا في منزلنا ثوبا إلا ثوبا نواري به امرأة ولا حليا ولا دينارا ولا درهما.
وقال يمدح إبراهيم:
أرقتني تلومني أم بكر * بعد هدء واللوم قد يؤذيني حذرتني الزمان ثم قالت * ليس هذا الزمان بالمأمون قلت لما هبت تحذرني الدهر * دعي اللوم عنك واستبقيني ان ذا الجود والمكارم إبراهيم * يعنيه كل ما يعنيني قد خبرناه في القديم فألفينا * مواعيده كعين اليقين قلت ما قلت للذي هو حق * مستبين لا للذي يعطيني نضحت ارضنا سماؤك بعد * الجدب منها وبعد سوء الظنون فدعينا آثار غيث هراقته * بدا محكم القوى ميمون وبسنده أن إبلا لمحمد بن عمران تحمل علفا مرت بمحمد بن عبد العزيز الزهري ومعه ابن هرمة فقال يا أبا إسحاق أ لا تستعلف محمد بن عمران وهو يريد ان يعرضه لمنعه فيهجوه فأرسل ابن هرمة في اثر الحمولة رسولا حتى وقف على ابن عمران فابلغه رسالته فرد إليه الإبل بما عليها وقال إن احتجت إلى غيرها زدناك فقال ابن هرمة لابن عبد العزيز اغسلها عني فإنه ان علم اني استعلفته ولا دابة لي وقعت منه في سوأة قال بما ذا قال تعطيني حمارك قال هو لك بسرجه ولجامه فقال ابن هرمة من حفر حفرة سوء وقع فيها.
وبسنده عن ابن أبي زريق قال كنت مع السري بن عبد الله باليمامة وكان يتشوق إلى إبراهيم بن علي بن هرمة ويجب ان يفد عليه فأقول ما يمنعك ان تكتب إليه فيقول أخاف ان يكلفني من المئونة ما لا أطيق فكنت اكتب بذلك إلى ابن هرمة فكره ان يقدم عليه إلا بكتاب منه ثم غلب فشخص إليه فنزل علي ومعه راويته ابن ربيح فقلت له ما يمنعك من القدوم على الأمير وهو من الحرص على قدومك على ما كتبت به إليك قال الذي منعه من الكتاب إلي فدخلت على السري فأخبرته بقدومه فسر بذلك وجلس للناس مجلسا عاما ثم أذن لابن هرمة فدخل عليه ومعه راويته ابن ربيح وكان ابن هرمة قصيرا دميما أريمص وكان ابن ربيح طويلا جسيما نقي الثياب فسلم على السري ثم قال له أصلحك الله اني قد قلت شعرا أثنيت فيه عليك فقال أنشد فقال هذا ينشد فجلس فانشده ابن ربيح قصيدته التي أولها:
عوجا على ربع ليلى أم محمود * كيما نسائله من دون عبود عن أم محمود إذ شط المزار بها * لعل ذلك يشفي داء معمود فعرجا بعد تغوير وقد وقفت * شمس النهار ولاذ الظل بالعود شيئا فما رجعت اطلال منزلة * قفر جوابا المحزون الجوى مودي ثم قال فيها يمدح السري:
ذاك السرى الذي لولا تدفقه * بالعرف مات حليف المجد والجود من يعتمدك ابن عبد الله مجتديا * لسيب عرفك يعمد خير معمود يا ابن الأساة الشفاة المستغاث بهم * والمطعمين ذرى الكوم المقاحيد والسابقين إلى الخيرات قومهم * سبق الجياد إلى غاياتها القود