تخفيفا وفرقا بين النسبة إليها والنسبة إلى مدين فيقال المديني وهرمة بفتح الهاء وسكون الراء.
أقوال العلماء فيه في تاريخ ابن عساكر قال علي بن عمر الحافظ: كان إبراهيم هذا مقدما في شعراء المحدثين قدمه محمد بن داود بن الجراح على بشار وأبي نواس وغيرهما من المحدثين وقال الخطيب عند ذكره: هو شاعر مفلق فصيح مسهب مجيد محسن القول سائر الشعر وهو أحد الشعراء المخضرمين أدرك الدولتين الأموية والهاشمية وكان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطالبيين وقال الأصمعي ختم الشعر بإبراهيم بن هرمة و هو آخر الحجج انتهى وذكره الخطيب في تاريخ بغداد فقال: شاعر مفلق إلى قوله الطالبيين ثم روى بسنده عن علي بن عمر الحافظ أنه قال إبراهيم بن هرمة الشاعر مقدم في شعراء المحدثين إلى آخر ما مر.
تشيعه قد سمعت قول الخطيب في تاريخ بغداد أنه كان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطالبيين في العصر الأموي والعباسي عصر الملك العضوض واكثاره من مدائح الطالبيين ورثائهم منها قصائد كثيرة في عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب وزيد بن الحسن بن علي ومراث في الحسين ع قيل وبعضها مذكور في معجم البلدان وله قصائد تعرف بالهاشميات يرويها الرواة وكان المنصور يعرفه بالتشيع لآل أبي طالب لاشتهار ذلك عنه وتجاهره به كما يدل عليه خبره الآتي معه وقال ابن عساكر في تاريخه أنه قيل له في دولة بني العباس أ لست القائل:
مهما ألام على حبهم * فاني أحب بني فاطمة بني بنت من جاء بالمحكمات * وبالدين والسنن القائمه ولست أبالي بحبي لهم * سواهم من النعم السائمه فقال أعض الله قائلها بهن امه فقال له من يثق به:
أ لست قائلها قال بلى ولكن أعض بهن أمي خير من أن اقتل انتهى وفي ذيل أمالي القالي ثنا أبو بكر بن أبي الأزهر ثنا الزبير خبرنا ابن ميمون عن أبي مالك قال قال ابن هرمة وذكر الأبيات فسأله بعد ذلك رجل من قائلها؟ قال من عض ببظر امه قال ابنه يا أبت أ لست قائلها قال بلى قال فلم تشتم نفسك قال أ ليس الرجل بعض بظر امه خير له من أن يأخذه ابن قحطبة انتهى وروى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده عن أحمد بن عيسى وذكر ابن هرمة قال كان متصلا بنا وهو القائل فينا وذكر الأبيات الثلاثة. وكان معروفا بالتشيع عند الأمويين والعباسيين وكانوا مع ذلك يكرمونه لشعره فيمدحهم ويجيزونه الجوائز الجليلة مدح الوليد بن يزيد بن عبد الملك فاجازه ومدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك فاجازه مع بغض المنصور له بغضا شديدا لحبه الطالبيين وانقطاعه إليهم كما ستعرف ذلك كله.
اخباره وأحواله قال إبراهيم بن هرمة لعبد الله بن مصعب أ لم يبلغني انك تفضل علي ابن أذينة قال نعم قال ما شكرتني في مدحي أباك بقولي:
رأيتك مختلا عليك خصاصة * كأنك لم تنبت ببعض المنابت كأنك لم تصحب شعيب بن جعفر * ولا مصعبا ذا المكرمات ابن ثابت فقال له أقلنيها يا أبا إسحاق وهلم نروي من شعرك ما شئت فروى له هاشمياته اي اخذها من فيه انتهى وهذا يدل على أن الناس كانت تتحامى رواية هاشمياته. وحدث راوية إبراهيم بن هرمة أنه كان عليه دين مائة دينار فذهب إلى الحمراء قصر الحسن بن زيد في الهاجرة فقال ما جاء بك في هذا الوقت قال علي مائة دينار قد منعتني القائلة وأنشأ يقول:
اما بنو هاشم حولي فقد رفضوا * نيل الصياب الذي جمعت في قرني فما بيثرب منهم من أعاتبه * الا عوائد ارجوهن من حسن الله أعطاك فضلا من عطيته * على هن وهن فيما مضى وهن فقال يا غلام افتح باب تمرنا فبع منه بمائة دينار واعطها غريمه وبع بمائة دينار أخرى واعطه إياها فقال ابن هرمة يا سيدي مر لي بحمل ثلاثين حمارا تمرا فامر له بها. وفي مجالس المؤمنين عن تذكرة ابن المعتز: كان ابن هرمة حجازيا يسكن المدينة وله مدائح كثيرة في خلفاء بني العباس وفي عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ع ثم ذكر خبر الأبيات الثلاثة المتقدمة ثم قال كان مداحا للحكم بن عبد المطلب وكان الحكم من أسخياء زمانه فلما مات الحكم قيل لابن هرمة قد هرم شعرك فقال لم يهرم شعري ولكن هرمت مكارم الأخلاق بعد الحكم انتهى وقدم ابن هرمة دمشق ومدح الوليد بن يزيد بن عبد الملك واجازه واحتبسه عنده واشتاق إلى وطنه فقال في ذلك شعرا وقدمها أيضا قاصدا وعبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك فاجازه وقيل له مرة أ تمدح عبد الواحد بشعر ما مدحت به أحدا غيره فتقول فيه:
وجدنا غالبا كانت جناحا * وكان أبوك قادمة الجناح ثم تقول:
أ عبد الواحد المأمول اني * أغص حذار شخصك بالقراح فبأي شئ استوجب منك هذا المدح قال أصابتني أزمة بالمدينة فوفدت على عبد الواحد بدمشق فقال ما وراءك فقلت لا تسألني فان الدهر قد جنى علي فما وجدت مستغاثا غيرك فأجازني بألف دينار وقال أقم فاغث من وراءك وأعطاني جملا ولم أنشده بيتا واحد.
ووفد على المنصور حين انتقل إلى مدينة السلام سنة 146 أو 145 وقد كتب إلى أهل المدينة أن يفد عليه خطباؤهم وشعراؤهم، والمنصور وراء ستر رقيق وحاجبه أبو الخصيب قائم وهو يقول يا أمير المؤمنين هذا فلان الخطيب فيقول أخطب وهذا فلان الشاعر فيقول أنشد قال ابن هرمة ولم تكن في الدنيا خطبة أبغض إلي من خطبة تقربني منه وكنت في آخر من بقي فقال له هذا ابن هرمة فسمعته يقول لا مرحبا ولا أهلا ولا أنعم الله به عينا فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون ذهبت والله نفسي ثم قلت إن لم اشتد هلكت فقال أبو الخصيب أنشد فأنشدته : سرى ثوبه عنك الصبا المتخايل * وقرب للبين الخليط المزايل حتى انتهيت إلى قولي:
له لحظات في خوافي سريرة * إذا كرها فيها عقاب ونائل فأم الذي آمنته تأمن الردى * وأم الذي حاولت بالثكل ثاكل