مطيع فوقف بالكناسة وأرسل العساكر ليمنعوا المختار من دخول الكوفة ودنا إبراهيم من ابن مطيع فامر أصحابه بالنزول وقال لا يهولنكم أن يقال جاء آل فلان وآل فلان فان هؤلاء لو وجدوا حر السيوف لانهزموا انهزام المعزى من الذئب ثم حمل عليهم فانهزموا ودخل ابن مطيع القصر فحاصره إبراهيم ثلاثا فخرج منه ليلا ونزله إبراهيم ودخله المختار فبات فيه وأرسل إلى ابن مطيع مائة ألف درهم وقال تجهز بها وبايعه أهل الكوفة على كتاب الله وسنة رسوله والطلب بدماء أهل البيت وفرق العمال وكان عبيد الله بن زياد قد هرب بعد موت يزيد إلى الشام وجاء بجيش إلى الموصل فأرسل إليه المختار يزيد بن انس في ثلاثة آلاف فلقي مقدمة أهل الشام فهزمهم واخذ عسكرهم ومات من مرض به فعاد أصحابه إلى الكوفة لما علموا انه لا طاقة لهم بعسكر ابن زياد فأرسل المختار إبراهيم بن الأشتر في سبعة آلاف وأمره ان يرد جيش يزيد معه فلما خرج إبراهيم طمع أشراف أهل الكوفة في المختار واجمع رأيهم على قتاله فجعل يخادعهم ويعدهم بكل ما يطلبون فلم يقبلوا ووثبوا به فأرسل قاصدا مجدا إلى إبراهيم يأمره بالرجوع وامر أصحابه بالكف عنهم واجتهد في مخادعتهم فوصل الرسول إلى إبراهيم بساباط المدائن فسار ليلته كلها ثم استراح حتى امسى وسار ليلته كلها ثم استراح حتى امسى وسار ليلته كلها ويومه إلى العصر فبات في المسجد واشتد القتال ومضى ابن الأشتر إلى مضر فهزمهم واستقام أمر الكوفة للمختار وتجرد لقتل قتلة الحسين ع ثم سار إبراهيم بعد يومين لقتال ابن زياد وكان قد سار في عسكر عظيم من الشام فبلغ الموصل وملكها فنزل إبراهيم قريبا منه على نهر الخازر ولم يدخل عينه الغمض حتى إذا كان السحر الأول عبى أصحابه وكتب كتابه وامر أمراءه فلما انفجر الفجر صلى الصبح بغلس ثم خرج فصف أصحابه ونزل يمشي ويحرض الناس حتى أشرف على أهل الشام فإذا هم لم يتحرك منهم أحد وسار على الرايات يحثهم ويذكرهم فعل ابن زياد بالحسين وأصحابه وأهل بيته من القتل والسبي ومنع الماء وتقدم إليه وحملت ميمنة أهل الشام على ميسرة إبراهيم فثبتت لهم وقتل أميرها فاخذ الراية آخر فقتل وقتل معه جماعة وانهزمت الميسرة فاخذ الراية ثالث ورد المنهزمين فإذا إبراهيم كاشف رأسه ينادي اي شرطة الله انا ابن الأشتر ان خير فراركم كراركم ليس مسيئا من اعتب وحملت ميمنة إبراهيم على ميسرة ابن زياد رجاء ان ينهزموا لان أميرها كان قد وعد إبراهيم ذلك لأنه وقومه كانوا حاقدين على بني مروان من وقعة مرج راهط فلم ينهزموا أنفة من الهزيمة فقال إبراهيم لأصحابه اقصدوا هذا السواد الأعظم فوالله لئن هزمناه لا نجفل من ترون يمنة ويسرة انجفال طير ذعرت فمشى أصحابه إليهم فتطاعنوا ثم صاروا إلى السيوف والعمد وكان صوت الضرب بالحديد كصوت القصارين وكان إبراهيم يقول لصاحب رايته انغمس فيهم فيقول ليس لي متقدم فيقول بلى فإذا تقدم شد إبراهيم بسيفه فلا يضرب رجلا الا صرعه وحمل أصحابه حملة رجل واحد فانهزم أصحاب ابن زياد فقال إبراهيم اني ضربت رجلا تحت راية منفردة على شاطئ نهر الخازر فقددته نصفين فشرقت يداه وغربت رجلاه وفاح منه المسك وأظنه ابن مرجانة فالتمسوه فإذا هو ابن زياد فوجدوه كما ذكر قطع رأسه وأحرقت جثته. وقتل في هذه الوقعة من أصحاب ابن زياد الحصين بن نمير السكوني وشرحبيل بن ذي الأكلاع الحميري. ولما انهزم أصحاب ابن زياد تبعهم أصحاب إبراهيم فكان من غرق أكثر ممن قتل وانفذ إبراهيم عماله إلى نصيبين وسنجار ودارا وقرقيسيا وحران والرها وسميساط وكفر توثا وغيرها وأقام هو بالموصل وقال سراقة البارقي يمدح إبراهيم بن الأشتر:
اتاكم غلام من عرانين مذحج * جرئ على الأعداء غير نكول جزى الله خيرا شرطة الله انهم * شفوا من عبيد الله حر غليلي وقال عبد الله بن الزبير الأسدي بفتح الزاي وقيل عبد الله بن عمرو الساعدي يمدح إبراهيم ويذكر الوقعة:
الله أعطاك المهابة والتقى * وأحل بيتك في العديد الأكثر وأقر عينك يوم وقعة خازر * والخيل تعثر بالقنا المتكسر من ظالمين كفتهم آثامهم * تركوا لعافية وطير حسر ما كان أجرأهم جزاهم ربهم * شر الجزاء على ارتكاب المنكر وفي الأغاني بسنده عن الهيثم بن عدي ان عبد الله بن الزبير الأسدي اتى إبراهيم بن الأشتر فقال اني قد مدحتك بأبيات فاسمعهن قال إني لست أعطي الشعراء قال اسمعها مني وترى رأيك فقال هات إذن فانشده البيتين الأولين وبعدهما:
اني مدحتك إذ نبا بي منزلي * وذممت اخوان الغنى من معشري وعرفت انك لا تخيب مدحتي * ومتى أكن بسبيل خير أشكر فهلم نحوي من يمينك نفحة * ان الزمان ألح يا ابن الأشتر فقال كم ترجو ان أعطيك قال ألف درهم فأعطاه عشرين ألفا. قال هذا مع أن عبد الله بن الزبير هذا كان من شيعة بني أمية وذوي الهوى فيهم والتعصب لهم أقول ولكن قد نسب إليه رثاء في الحسين ع مما يدل على خلاف ذلك ويشبه ان يكون وقع من المؤرخين خلط بين أبيات الأسدي والساعدي لاتحاد الوزن والقافية ومثله قد وقع منهم كثيرا والله أعلم وقال يزيد بن المفرع الحميري يهجو ابن زياد ويذكر مقتله:
ان الذي عاش ختارا بذمته * وعاش عبدا قتيل الله بالزاب العبد للعبد لا أصل ولا طرف * ألوت به ذات أظفار وأنياب ان المنايا إذا ما زرن طاغية * هتكن عنه ستورا بين أبواب هلا جموع نزار إذ لقيتهم * كنت امرأ من نزار غير مرتاب لا أنت زاحمت عن ملك فتمنعه * ولا مددت إلى قوم بأسباب ما شق جيب ولا ناحتك نائحة * ولا بكتك جياد عند اسلاب لا يترك الله انفا تعطسون بها * بين العبيد شهودا غير غياب أقول بعدا وسحقا عند مصرعه * لابن الخبيثة وابن الكودن الكابي ثم إن مصعب بن الزبير خرج من البصرة إلى المختار فقتله بعد حرب شديد وأقر إبراهيم بن الأشتر على ولاية الموصل والجزيرة ثم إن عبد الملك بن مروان سار إلى العراق بجيش لحرب مصعب فاحضر مصعب إبراهيم من الموصل وجعله على مقدمته والتقى العسكران بمسكن من ارض العراق وكان أشراف العراق قد كاتبوا عبد الملك فكتب إلى من كاتبه ومن لم يكاتبه وكتب إلى إبراهيم فكلهم اخفى كتابه الا إبراهيم فجاء به مختوما إلى مصعب ففتحه فإذا فيه انه يدعوه إلى نفسه ويجعل له ولاية العراق فقال له إبراهيم انه كتب إلى أصحابك كلهم مثل ما كتب إلي فأطعني واضرب أعناقهم فابى فقال احبسهم فابى وقال رحم الله الأحنف إن كان ليحذرني غدر أهل العراق ويقول هم كمن تريد كل يوم بعلا وقدم عبد الملك أخاه محمدا وقدم مصعب إبراهيم بن الأشتر فقتل صاحب لواء محمد وجعل