على مدينة شيروان طالبا ثار والده، فما كان عليه إلا أن يدخل مع سيدنا مدخل الكيد والنفاق، فأرسل مندوبا إلى صهره السلطان يعقوب وأعلن أنه بالرغم من أن السلطان حيدر ينوي احتلال الجركس لكن قد يعتزم التوجه نحو شيروان إذا وصل إلى حوالي دربند وطبرسران ولا يحتل أي أرض، فعليك أن تجند جيشا قويا. فلما بلغ هذا الخبر إلى السلطان يعقوب، أرسل سليمان بيجن أوغلي ومعه أربعة آلاف فارس من التركمان لمساعدة شيروان شاه، ففرح شيروان شاه من وصول المساعدة التي أرسلها السلطان يعقوب، وكان العسكران من شيروان والتركمان قد شكلا اجتماعا عظيما بالقرب من شماخي إلا أن السلطان حيدر توجه إلى تلك الديار ومعه جنده الغزاة عبر طريق شكى مارا بقلعة دربند، إلا أن أهالي تلك المنطقة استخدموا أسلوب العناد واعتدوا على عسكر السلطان حيدر، مما دفع سيدنا بالايعاز إلى جنده الغزاة باحتلال القلعة والمدينة، وتأديب الأهالي الضالين، ففي مدة قصيرة اهتزت أركان ذلك الحصن الحصين واقترب فتحه واحتلاله، وهنا وصل قرابيري قاجار من الخلف على رأس جيشه، ووصلت الأخبار أن فوجا من جيش التركمان عبر النهر، وأن شيروان الملك التحق بهم مع عسكر شيروان لمحاربة عسكر سيدنا المنصور وتواردت الأنباء عن وصول تلك المجموعة، مما اضطر السلطان حيدر للانسحاب من القلعة والاستعداد لمواجهة تلك الفرقة الخائنة، وقد اشتبك العسكران بالقرب من طبرسران، وخلال هذه المعركة حاول سليمان بيجن أوغلي مع فوج من أبطال القتال محاربة سيدنا السلطان الغازي. فتولى السلطان حيدر بنفسه قيادة الحرب، فضربه بالسهم وألقاه على الأرض من على ظهر الجواد، واكتفى بذلك ولم يقتله. فعاد سليمان بيجن أوغلي وركب حصانه وسال سيدنا عن سبب الامتناع من قتله، فأجاب أن أجله لم يأت بعد، وأن أجلي قد حان وانتهى عمري وسأستشهد في هذه المعركة. فخلال المعركة انطلق سهم وأصاب سيدنا وأرداه قتيلا، ودفن جثمانه الشريف في طبرسران. وفي المرة الثانية التي توجه فيها الخاقان لتأديب الشيخ شاه إلى شيروان، كان قد مضى على حادث السلطان حيدر اثنان وعشرون سنة، فاخرجوا الجثمان من ذلك المكان ونقلوه إلى دار الارشاد في مدينة أردبيل ودفنوه إلى جانب قبور أجداده الكبار المباركة. وكان ذلك في شهر شعبان اثنان أو ثلاثة وتسعين بعد الثمانمائة.
ويقول كاتب حبيب السير وتاريخ جهان آرا والفتوحات: كان لسيدنا ثلاثة أولاد من زوجته السمحاء ابنة حسن الملك وهم: السلطان علي ميرزا المعروف بالسلطان علي بادشاه، وإسماعيل ميرزا، وسيد إبراهيم ميرزا، ويقول حسن بيك صاحب كتاب أحسن التواريخ وكتاب بحر الفوائد: إن السيد محمد ميرزا والسيد سليمان ميرزا والسيد حسن ميرزا والسيد داود ميرزا هم أولاد السلطان حيدر أيضا، ولم يذكر اسم السيد إبراهيم بين أولاده.
ذكر أحوال علي بادشاه بن السلطان حيدر:
الأخ الرشيد للنواب الخاقان صاحب القران الملك إسماعيل عند ما سمع الصوفيون السعداء من أنصار هذه العائلة التي يعتبر أفرادها من الفاتحين لدولة الاخلاص والوفاء، عند ما سمعوا حياة وبقاء أولاد ذلك السلطان العظيم الشأن، أخذوا يتهافتون على دار الارشاد في أردبيل يوما بعد يوم، لتجديد البيعة وإعداد وسائل الحرب والغزو. إلا أن أصحاب العناد واللجاج أبلغوا السلطان يعقوب بهذا الحدث، وأطلعوه أن نجل السلطان حيدر قد تربع على كرسي الارشاد بأمر من والده، وأن الصوفية من الصفوية توحدوا وتجمعوا، وأن راية دولته سترتفع شاهقة قريبا.
وتأسف السلطان يعقوب من هذا الحادث وتذكر قرابة وحياء شقيقته المعظمة حليمة بيگم، فأرسل أحد الأمراء البارزين مع مجموعة من التركمان إلى أردبيل ليقنعوا سيدنا ويأخذوه إلى قلعة أصطخر في فارس، ويسلموه إلى منصور بيك برناك حاكم تلك الديار.
ولما وصلت الجماعة المذكورة إلى مدينة أردبيل، توكل السلطان علي بادشاه على الخالق القدير وتوجه إلى أصطخر برفقة والدته المحترمة وإخوته الكرام، وفي أحد الأشهر من سنة ست وتسعين بعد الثمانمائة دخل إلى القلعة وقضى هناك فترة من الزمن، وكان منصور بيك برناك يقوم بواجبه نحو السلطان علي وحاشيته خير قيام، إلى أن فارق السلطان يعقوب الحياة، وانقسم أمراء التركمان إلى مجموعتين: اتفقت مجموعة على حكومة أخيه مسيح ميرزا، واتفقت المجموعة الثانية على جلوس بايسنقر واستشهد مسيح ميرزا في هذه المعركة، وجلس ميرزا بايسنقر على العرش.
وقرر أصحاب عم رستم ميرزا بن مقصود ميرزا بن الملك المرحوم حسن بيك وهم من أنصار مسيح ميرزا اعتقاله وإرساله إلى قلعة النجق، وتسليمه إلى فرقة السيد علي مسؤول القلعة. فلما مضى على ذلك بعض الوقت توجه آيبه سلطان إلى قلعة النجق وجمع أفراد السيد حوله وأخرجوا رستم ميرزا من تلك القلعة، واختاروه ملكا كما تجمع حولهم أناس كثيرون، واقترحوا التوجه إلى تبريز ومحاربة بايسنقر ميرزا، إلى أن وصلوا إلى ضفاف نهر أرس وأقاموا هناك. وخرج ميرزا بايسنقر من تبريز للقضاء على الفتنة، ولما وصل إلى مدينة مرند أرسل بعض أفراده إلى جانب رستم ميرزا للتقصي، ولكنهم لم يكونوا مخلصين فالتحقوا برستم ميرزا، فوقعت الفرقة بين أفراد جيش ميرزا بايسنقر مما تعذر عليه ضبطهم. واضطر إلى ترك أعباء وأحمال وأثقال الملك، وتوجه مع عدد قليل من حاشيته نحو خاله شيروان شاه عبر طريق أهر، قراجه داع، وكان المنتصر ميرزا رستم فدخل مدينة تبريز مظفرا منصورا وجلس على العرش.
إلا أن شيروان شاه أقدم على مساعدة ابن شقيقته وصهره وكان يهئ الأمر لإعادة ميرزا بايسنقر إلى الحكم. وكان ميرزا رستم أيضا يفكر في مصير نفسه واستشار الأمراء وكبار حاشيته فقرر في النهاية استدعاء كوكب سماء الخلافة سيدنا السلطان علي بادشاه من قلعة أصطخر وإرساله إلى شيروان طالبا ثار جده ووالده، وأيا كان الغالب والمغلوب فقد حصل هو على المراد الظاهري والباطني، فخرج السلطان علي بادشاه من قلعة أصطخر في سنة تسع وتسعين بعد الثمانمائة، وكانت مدة إقامته في قلعة أصطخر أربعة أعوام وستة أشهر، ودخل مدينة تبريز بالاعزاز والاكرام ورحب به رستم ميرزا وضمه إلى صدره، كما توجه نحوه الصوفيون المخلصون الذين كانوا قد ذهبوا إلى كل صوب وحدب، وازدادت الجماعة المخلصة الوفية حوله، إلا أن الأخبار تواترت عن توجه بايسنقر ميرزا على رأس عسكر شيروان نحو آذربيجان، فسمع بذلك رستم ميرزا وأرسل السلطان علي بادشاه مع آيبه سلطان وأفواج من عساكر التركمان لمحاربة بايسنقر والشيروانيين. فوصلوا إلى