والشمس علامتان لظهور ملك قاهر من صلبك وإن هذا الملك سيضئ العالم قريبا.
وجاء في كتاب تاريخ جهان آراء أن أمير جويان سلدوز أمير أمراء إيران خرج يوما للصيد إلى جبال طارم، وكان معه أحد أقاربه ويدعى داش تيمور، وكان داش تيمور يلاحق غزالا وهو راكب جواده، وإذا بجواده يهيج ويأخذ به إلى قمة الجبل، ومن هناك سقط داش تيمور والجواد إلى الأسفل.
فجاء الأمير نحوهما فرأى الجواد مقتولا، ولكن داش تيمور حيا سليما، فسأله عن السبب فقال: بينما كنت قد فقدت أملي شاهدت الشيخ في الهواء وهو ماسك بثوبي فوضعني على الأرض. وهناك الكثير من هذه الأقوال.
وكان الشيخ يتلو الآية الكريمة قل اللهم مالك (1) الموت اثني عشر ألف مرة يوميا. ولما شاهد الشيخ زاهد آثار الورع والكرامة في صاحبنا، زوجه ابنته فاطمة. وكلما أصر عليه في زمن حياته أن يتولى إرشاد الناس كان يرفض، إلى أن حان أجله، فسلمه سرير الهداية وكرسي ولاية العهد.
فاحتج المغرضون على الشيخ زاهد بذلك وقالوا: لماذا تقلد منصب الارشاد إلى رجل آخر، بينما نجلك وولدك من صلبك وخلفك الصادق الشيخ جمال الدين علي موجودا وهو صاحب مكارم ومعاجز، فأراد الشيخ زاهد أن يزيل كل التباس وشبهة، وأن يختبر الاثنين، فقال: أين خلوة ابني؟ قالوا: في حريم الصومعة. وقال: أين خلوة صفي؟ قالوا: على مسافة نصف فرسخ. فقال: أنادي الاثنين لتشاهدوا مرتبة كل واحد منهما ومقامه. فنادى بصوت عال ثلاث مرات ابنه فلم يسمع جوابا. فنادى الشيخ الجليل فاجابه على الفور وقال: لبيك وسعديك يا شيخي ومرشدي، ووضع قدمه في الصومعة، فقال له الشيخ زاهد: أين كنت يا صفي؟ قال: كنت في خلوتي فسمعت نداء عذبا، فتوجهت نحوكم. فنظر الشيخ إلى القوم وقال: إن ما كنت أريده جمعه الحق سبحانه وتعالى في صفي، وليس في كمال الدين، وإني لم أخن أمانة ربي، ورددتها إلى صاحبها. وقد انتقل الشيخ زاهد إلى جوار ربه في سياورود كيلان في سنة سبعمائة من الهجرة النبوية الشريفة ودفن هناك.
إن الشيخ صفي تربع على سرير الهداية والاشاد في يوم الخميس غرة شهر شعبان، واستمر في هذه المهمة الخطيرة خمسا وثلاثين عاما، أو أربعين عاما حسب بعض الأقوال، ولما ناهز الرابعة والثمانين من العمر أصيب بمرض في المثانة بسبب الضعف والاعتكاف، وكان هو في عالم الصوفية يداوي المرض بمختلف الأساليب الدينية وكان يفرح بها. إلى أن اضطجع في فراش الضعف والخوار، وكلما اشتد به المرض أسرع إلى المكان الذي هو الآن مرقده، وكان يرتاح فيه لبعض الوقت، وتأتي حليلته الجليلة وتأخذه إلى منزله، فكان يقول: خذوني إلى بيتي، فيقول له خادموه: إنك في منزلك، فيقول: إن منزلي الرئيسي هو هناك. وقد تكرر هذا الأمر عدة مرات، وعند ما وافته المنية أوصى مريديه وأصحابه وأولاده بدوام منهاج الشريعة المطهرة، وطريقة المشايخ، وبذل السفرة، وإطعام وإكرام الفقراء والمساكين، وفوض أمر إرشاد العباد إلى ولده السيد صدر الدين موسى. وتناول شربة الموت من ساق الأجل عند صلاة الصبح في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر محرم الحرام سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وانتقل إلى جوار ربه، وكما تضرعت والتمست حليلته الجليلة إلى ربها انتقلت إلى جواره بعد ثمانية عشر يوما. وجاء في فتوحات الأميني. أن السيد جمال الدين الأصفهاني تولى تغسيله وتجهيزه حسب الوصية، وكان السلطان صدر الدين آنذاك في مدينة السلطانية، ودفن في المقام المعين المعروف حاليا القبة السوداء.
وتصل سلسلة إرشاده وهدايته بعد اثني عشر واسطة إلى الامام الهمام علي بن موسى الرضا ع: الأول أبو العلا الشيخ تاج الدين إبراهيم زاهد الكيلاني، الثاني السيد جمال الدين التبريزي، الثالث الشيخ شهاب الدين محمد أهري، الرابع الشيخ قطب الدين الأبهري، الخامس الشيخ أبو نجيب السهروردي، السادس القاضي وجيه الدين، السابع الشيخ محمد الأسود، الثامن الشيخ محمد شاه الدنيوري، التاسع الشيخ أبو القاسم جنيد بن محمد النهاوندي المعروف بالبغدادي، العاشر الشيخ أبو الحسن السقطي. الحادي عشر الشيخ أبو حفص المعروف بفيروز الكرخي، الثاني عشر الامام الثامن علي بن موسى الرضا ع.
إن أولاده الماجدين من السيدة فاطمة خاتون ابنة الشيخ زاهد هما ولدان:
الأول الشيخ صدر الدين موسى، حيث ولد يوم عيد الفطر بعد صلاة الصبح في سنة أربع وستين وسبعمائة، بعد وفاة الشيخ زاهد بأربع سنوات. والثاني الشيخ أبو سعيد الذي كانت له هيبة خاصة، وابنة واحدة هي جميلة بيگم.
وأولاده من زوجته الأخرى ابنة أخي سليمان الكلخواراني، هما ولدان:
السيد علاء الدين، والسيد شرف الدين علي، وابنة واحدة وهي ستي عصمت بيگم، التي تزوجها الشيخ شمس الدين بن الشيخ زاهد، وأن ذرية الشيخ زاهد من هذه البنت. ولم يخلف أولاد السلطان صفي الدين إسحاق الثلاثة أعقابا عدا السيد صدر الدين. ويقول صاحب كتاب بحر الفوائد:
إن السلطان صفي الدين إسحاق كان له ولدان آخران هما: السيد رفيع الدين منصور والسيد محيي الدين محمد من ابنة أخي سليمان الآنف الذكر. وكان وجهه الشريف أبيض يميل للحمرة، طويل القامة، بدين أسود العينين طويل الحاجبين، كث اللحية.
السلطان صدر الدين موسى:
كان منهمكا في إرشاد عباد الله في غاية الورع والصلاح والسداد، وجاء في فتوحات الأميني وصفوة الصفا وحبيب السير: أنه في اليوم الذي وقع فيه عقد الزواج بين ابنة الشيخ زاهد المحترمة وبين سلطان الأولياء، قام الشيخ زاهد في المجلس وأدى التحية للشخص الغائب. فسأله الحاضرون في المجلس، فأجاب الشيخ أن أولاد صفي الدين وهم أحفادي قد تجسدوا أمام ناظري وبرز بينهم محظوظا من سيكون خليفتي وخليفة صفي، فسلمت عليه. وبعد أن ولد ذلك المحظوظ السعيد نادى سلطان الأولياء، أرباب الارشاد وأصحاب الاخلاص بان هذا الدر الكريم هو ذلك الطفل السعيد، الذي قام الشيخ زاهد في مجلس عقد الزواج وأدى التحية له. وقد اكتسب وتتلمذ ذلك السعيد بين يدي والده وتلقى الفضيلة والكمال. ويقول صاحب كتاب نفحات الأنس في منقبة السيد قاسم الأنوار: إنه لم يعرف ما إذا كان أحد سيبلغ في المرتبة والمقام، مرتبة السيد قاسم الأنوار، في المعالم بعد الأئمة الأطهار ع. وكان الشيخ صدر الدين الأردبيلي قد منحه لقب أنوار وأن السبب في منحه هذا اللقب جاء في كتاب فتوحات أميني