الهروي: أنه في الليلة التي رأى السيد قاسم أنوار قدس سره حلما بأنه واقف بين قبة مسجد جامع أردبيل الكبيرة وفي يده شمعة كبيرة، وأن الناس بيد كل واحد منهم شمعة يوقدها من شمعة السيد. فقال في تأويل هذه الرؤيا: إن الطالبين سينالون حصة وافية من الأنوار التي فاضت عليك من المبدأ الفياض، وإن اسمك سيكون قاسم الأنوار. وقد اعتلى كرسي الارشاد بعد وفاة والده، وإن أصحابه زادوا وكثروا.
وقدم جانى بيك خان حاكم سهل قيجاق إلى آذربيجان قادما من باب الأبواب في شيروان للقضاء على الملك أشرف، وتشرف لدى السلطان صدر الدين، وشاهد عن قرب حالاته ومقالاته، ومد إليه يد الاخلاص، وحصص عوائد الأملاك والعقارات والضياع، التي كانت في ولاية أردبيل ودار المرز وهفان وغير ذلك مما للسلطان صدر الدين. ولما كثر أصحاب السلطان ومريدوه خصص له بقعة مباركة هي اليوم مطاف طوائف الناس، وبنى قبة مرقد سلطان الأولياء المبارك، ودار الحفاظ وملحقاتها من ماله وثروته الخاصة. وبعد أن أمضى تسعين عاما في الارشاد والتشريع ومعرفة الله، انتقل إلى دار البقاء بجوار ربه، وخلفه ابنه الكريم السلطان خواجة علي، الذي كان قد تلقى الفضيلة والكمال على يد والده. ودفن جثمان والده الطاهر تحت قبة سلطان الأولياء.
وكان للسلطان صدر الدين ثلاثة أولاد من الذكور وهم: السلطان خواجة علي المعروف ب سياه پوش والشيخ شهاب الدين الذي لم يخلف أحدا، والشيخ جمال الدين الذي له ابنة اسمها خان زاده باشا، تزوجها، الشيخ إبراهيم المعروف بالشيخ شاه. ويعتقد البعض أن السلطان صدر الدين كان له أربعة أولاد ذكور وهم الثلاثة الآنفو الذكر والرابع خواجة عبد المحسن.
السلطان خواجة علي المعروف ب سياه يوش:
سلك طريق آبائه في الجهاد، ونكران الذات والتزكية وتصفية الباطن، وكان ينظم الأشعار جيدا، وكان تخلصه علي. ويذكر أن الملك صاحب قران الأمير تيمور الكوركاني شاهد حالات عجيبة منه، ويتجلى حسن إخلاصه وولائه واعتقاده لسيدنا من وثيقة الوقف، التي ختمها بختم آل تمغا، وشاهدتها أنا الكثير التقصير المحتاج إلى الله الودود، مختومة بختم تيموري وحررت في سنة ثمانمائة وستة، أضيفت إلى أوقاف عتبة سلطان الأولياء المقدسة: وهذا نصها: الشكر الجزيل لله سبحانه تعالى، جلت عظمته، وعلت كلمته، الذي أشرق وأضاء نور الشمس من قلوب أصدقائه الأوفياء، وانتشر فيضه على الأبدال والأوتاد، ليهدي به العالم والعالمين، ويكشف لهم الحقائق والمعاني: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم السورة 57 الآية 21. والصلاة والسلام على الروح الطاهرة، والعاقبة المحمودة، الذي تجتمع فيه جميع كمالات مكارم الأخلاق من الباري الخلاق، من حيث الاطلاق إلى يوم التلاق، وعليه من الصلوات أزكاها، ومن التحيات أنماها، على آله وأولاده الطاهرين أجمعين، والحمد لله رب العالمين: محمد المصطفى، وعلي المرتضى، والحسن والحسين، نسله الإمام زين العابدين ، نسله الإمام محمد الباقر، نسله الإمام جعفر الصادق، نسله الإمام موسى الكاظم، نسله سيدنا الحق والهادي المطلق أبو القاسم حمزة، نسله السيد قاسم، نسله السيد محمد الأعرابي، نسله السيد احمد، نسله السيد عوض الخواص، نسله السيد محمد، نسله السيد جعفر، نسله السيد إبراهيم، نسله السيد محمد، نسله السيد حسن، نسله السيد محمد، نسله السيد شرفشاه، نسله السيد فيروز، نسله السيد إسماعيل، نسله السيد محمد، نسله السيد قطب الدين، نسله السيد صلاح الدين رشيد، نسله السيد صالح، نسله السيد جبرئيل، نسله السيد الحق المعروف بالشيخ صفي الدين، نسله السيد صدر الدين موسى، نسله سلطان العارفين وبرهان السالكين السيد خواجة علي. ويقال: إن سيدنا اجتمع بالأمير تيمور الكوركاني ثلاث مرات نوعيا ومثاليا. الأولى عند ما كان يعبر نهر جيحون للهجوم على خراسان، فقد وقع سوطه في الماء فظهر عليه شخص نير أخرج سوطه من الماء وسلمه إياه، وتفاءل الأمير تيمور بهذا الأمر خيرا، وسال سيدنا عن حاله فقال: موطني في أردبيل، ومكان ظهوري في دزفول، ومدفني سيكون في قدس الخليل. وفي المرة الثانية عند ما كان الأمير تيمور يستعد لاحتلال خوزستان قادما من بغداد، ظهر عليه شخص نير مرتديا ملابسا سوداء، فوق جسر نهر دزفول وقال: أنا ذلك الشخص الذي سلمتك السوط على ضفة نهر جيحون. وموعدنا في اللقاء القادم سيكون في مدينة أردبيل.
وبعد مرور عدة أعوام وبينما كان الأمير تيمور في طريق عودته من الروم، وكان معه عدد كبير من الأسرى الأتراك حيث وصل إلى دار الارشاد. سمع أوصاف الشيخ صفي الدين إسحاق فذهب لزيارة مرقده الشريف. وبعد الانتهاء من عملية الطواف، قام بتفقد أحوال العاكفين في ذلك المقام، فأبلغوه عن أحوال السلطان خواجة علي، فتوجه إلى ذلك المقام مكان اختلائه، فكان سيدنا جالسا على سجادة العبادة. فأخبروه عن مجيء الأمير تيمور، فلم يلتفت إلى ذلك مستمرا في العبادة والدعاء، حتى دخل عليه الأمير تيمور فسلم عليه ورد عليه السلام، وطلب منه الجلوس وأمره بحسن معاملة خلق الله، ووجه له بعض الموعظة والنصح. وكان الأمير تيمور قد شرط على نفسه ثلاثة أمور، ووعد نفسه بأنه سيمد يد الاخلاص نحو سيدنا إذا عرف هذه الأمور الثلاثة وأبرزها، فكان الحال كذلك. الأول: أن سيدنا لا ينهض من مكانه بعد دخول الأمير تيمور عليه. والثاني: أن يحضر للأمير تيمور شيئا لم يتعود عليه في حياته. والثالث: أن يقدم الأمير تيمور لسيدنا كأسا من السم ويشربه دون أي تريث ولا يؤثر فيه، ولما دخل الأمير تيمور على سيدنا أشار سيدنا عليه بالنصح والموعظة دون أن يلتفت إلى أمور أخرى.
وبعدها أمر بان يسقوه من لبن الغزال ويطعموه الخبز. فلما رأى الأمير تيمور هاتين الحالتين. خجل أن يكلفه بالأمر الثالث. فقال له سيدنا لقد بقي العقد الثالث، فما هو سبب عدم القيام به؟ فأعطى سيدنا الأمير تيمور كأسا، فخجل الملك القدير، ولكن سكب السم في الكاس فتناوله الأسد السعيد، ومصدر الكرامة والاجلال مرة واحدة في الحال، فانتابته حالة من السرور، ومن ثم عصر من خلال ثوبه جميع ما كان قد شربه في كأس ووضعه على الأرض أمام الأمير تيمور. وهنا مد الأمير تيمور يد الالتماس إلى ساحة سيدنا واستدعى منه أن يطلب منه شيئا، وما كان يدري ويعلم أن ملوك عالم الفقر والمعنى لا يطلبون من ملوك عالم الصورة ولا يحتاجون إليهم.
وبعد الالحاح الكثير طلب منه الافراج عن الأسرى الأتراك. واستجاب الأمير تيمور لهذا الطلب وعفا عنهم جميعهم. ثم اشترى في ولاية أردبيل