لمدينتي الحويزة والدورق كما في كتابه المخطوط المسمى ب الياقوت الأزرق في تراجم علماء وأدباء الحويزة والدورق، وكما جاء في المقدمة التي كتبها لديوان المترجم، وقد عثر عليه أخيرا، قال عند ذكره لوفاة المترجم له وذكر قبره: وكتب على صخر القبر تاريخ ولادته سنة 1157 في المدينة المنورة، ووفاته سنة 1247.
وعلى هذا فتكون نشأته الأولى في المدينة المنورة مسقط رأسه على يد والده الشيخ محمد.
أما تحصيله العلمي فقد كان في بادئ الأمر في المدينة المنورة على والده وكان من العلماء الأفاضل آنذاك، ويظهر أن أباه قد رحل به إلى البحرين وسكنوا الغريفة، إحدى قرى البحرين كما أسلفنا، وكانت آنذاك زاخرة بالعلماء. فاخذ المترجم هناك قراءة بعض السطوح، قال حفيده الشيخ موسى بن الشيخ محمد: إن جدي المترجم له قرأ كتاب اللمعة في ستة أشهر على العلامة الشيخ حسين البحراني (1) وفيه يقول أحد أدباء البحرين مخاطبا أباه الشيخ محمد:
حافظ على أحمد من دون إخوته * فإنه غيرهم في كل أسلوب ولا عجيب إذا ما فاق إخوته * فيوسف كان من أولاد يعقوب ولا أعلم هل سافر إلى النجف لاكمال تحصيله هناك أم لا؟ إذ لم ينص على ذلك مترجموه. وإن كنت لا أستبعد ذلك، فقد رأيت في بعض المصادر أنه مجاز من قبل بعض علمائها المشهورين آنذاك، كما أشاد البعض الآخر بفضيلته العلمية، وأكد على صلاحه وتقواه.
فممن أجازه السيد محسن الكاظمي البغدادي والشيخ جعفر الكبير صاحب كشف الغطاء والسيد جواد العاملي هجراته ذكرنا أن ولادة المترجم كانت في المدينة المنورة حسب ما هو مثبت في الصخرة التي على قبره. وقد كانت له أكثر من هجرة:
فهجرته الأولى كانت مع والده وإخوته إلى البحرين حيث استوطنها فترة لم تحدد، وهناك أخذ بعض السطوح، كما مر، ثم عاد إلى المدينة المنورة، وبقي إلى سنة 1210.
أما هجرته الثانية، فكانت إلى الأحساء، وذلك عند ما وقعت حادثة عبد العزيز وولده سعود الوهابي، فقد جار فيها على علماء الشيعة، مما اضطره إلى الهجرة إلى الأحساء بطلب من أهلها وأقام فيها ثلاث سنوات تقريبا.
أما هجرته الثالثة فقد كانت من الأحساء إلى بلد الدورق وذلك سنة 1214.
وكانت الفلاحية أو الدورق آنذاك حافلة بالعلماء والأدباء والشعراء، والمحدثين من العصفوريين والطريحيين، والجزائريين، والكعبيين وغيرهم.
وكانت الامارة هناك لآل كعب، وكانوا يجلون العلماء والأدباء، ويهبونهم الاقطاعات ويملكونهم الأراضي، وكان العلماء والشعراء والأدباء من الشيعة يلجأون إلى الدورق عند تضييق الحكام عليهم، ومن هنا حط الشيخ أحمد رحل إقامته فيها (2).
وقد عاصر الشيخ أحمد جماعة من أعيان الفلاحية الدورق وعلمائها فمن أمراء كعب عاصر أميرين هم الشيخ محمد بن بركات بن عثمان بن سلطان بن ناصر الكعبي، والثاني هو: الشيخ غيث بن غضبان الكعبي.
أما معاصروه من العلماء والأدباء في الدورق فمنهم الشاعر الشهير الشيخ هاشم بن حردان الكعبي الدورقي المتوفى سنة 1231، والشيخ شبيب بن صقر الدورقي، والشيخ يوسف بن خلف بن عبد علي العصفوري، والشيخ علي بن محمد بن جلال الدين الطريحي الدورقي، والشيخ عبد الأمير بن ناصر الكعبي الدورقي، والسيد إسماعيل بن السيد محمود آل باليل الموسوي الدورقي، وابنه السيد إبراهيم بن السيد إسماعيل آل باليل الموسوي الدورقي المتوفى سنة 1243، والسيد محمد الحسيني البحراني الدورقي (3).
مكتبته كانت الفلاحية تضم كتب العلم وأبوابه من الفقه، والحديث، والتفسير، والرجال، والطب، والأدب، والتاريخ، وغيرها مما كان معروفا، ومتداولا عند علماء المسلمين، وكانت هذه الكتب موزعة في المكتبات الخاصة، وعند ورود الشيخ أحمد الفلاحية سنة 1214 كان أكثر علمائها القدامى قد انقرضوا، أو آذنت البيوتات العلمية أن تخلو من أهل العلم. فانتقل أغلب تلك الكتب إلى مكتبة الشيخ أحمد حتى صارت مكتبة قيمة فيها الكتب الموقوفة والمهداة، والمبتاعة من جميع مكتبات الفلاحية والدورق القديمة، وبعد الشيخ أحمد أضاف عليها ابنه الشيخ حسن وأحفاده الشئ الكثير، ولكن بعد مرور أكثر من قرن ونصف وفي زماننا هذا، تقاسمها أحفاده فتلف بعضها في الحرائق، وراح بعضها طعمة للأرضة والفئران، وبقي بعضها عرضة للأمطار والاهمال.
قال السيد هادي باليل: وقد وقفت على بعض مخطوطاتها المخرومة سنة 1401 في حسينية الشيخ محمد علي في الفلاحية ومن جملتها ديوان الشاعر المترجم، وهو بخط الناظم فاستأذنت من المحتفظ أن أستنسخه، فاذن لي بذلك، والديوان قد سقط منه بعض الأوراق (4).
وفاته توفي في الطاعون الذي ضرب البصرة والمناطق المجاورة بما فيها الفلاحية سنة 1247 ودفن في مقبرته التي أعدها لنفسه هناك محاذية لمسجده، وقد أصبح قبره اليوم داخل مسجده لتجديد بناء المسجد واتساعه،.
أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله.
مرت ترجمته في الصفحة 16 من المجلد الثالث كما مرت دراسة عنه في الجزء الأول من المستدركات وننشر عنه هنا هذه الدراسة:
شخصية المعري في سقط الزند قال الدكتور حسين مروة:
يخرج المتتبع لهذا الاختلاف القديم المتجدد بشأن أبي العلاء، من حيث فلسفته ومعتقده ومذهبه، ومن حيث طريقته في العيش وعلاقته بمجتمعه وآرائه بالناس والحياة والكون يخرج من يتتبع هذا الاختلاف ويتتبع أسبابه