عن الاشتغال بمبادئ النحو والعربية، وتلقين الصغار تلك المبادئ، دون الابن وخاصة في حياة الأب، وهو بعد لم يشغل مجلس أبيه.
والذي كان من ابن السيرافي أنه لقن الشريف النحو، ويقصد منه التعليم الشفهي، والتحفيظ وتقويم اللسان، ولا تدل القصة على أن الشريف قرأ عليه شيئا من الكتب الموضوعة في النحو، لا صغيرها ولا كبيرها، بل وأن مختصر الجرمي وما كان كالمدخل إلى النحو قرأهما على الربعي فيما بعد.
ولعل لهذه الجهة، ولأن التلقين انتهى بتلك النادرة سبب ذلك انقطاع الشريف عن أبي محمد السيرافي، بعد أن لقنه أوليات النحو.
وأرى أن ما ذكرته كاف لتعليل تلك الظاهرة التي أشار إليها الدكتور الحلو، والتي تبدو من رثاء الشريف لأبي محمد السيرافي، وأظن قويا أن موقف أبي محمد السيرافي من نادرة الشريف كان موقف غضب وامتعاض، ولعل ذلك الموقف، أو ما تعقبه من ملاحظات وتعليقات خلف ذلك كله في نفس التلميذ الصغير وخاصة إن كان بمثل الشريف الرضي آثار سوء ظلت حية، حتى وبعد أن مات أبو محمد.
وأرى أيضا أن هذا كاف لتفسير تغافل الشريف عن الأيام المعدودات التي حضر فيها عند ابن السيرافي، وعدم الاهتمام بتلك الأيام وتغافلها، عند ما ذكر الشريف من قرأ عليه النحو والأدب.
المقصورة الحسينية وقال الشيخ محمد رضا الجعفري معلقا على حذف المقصورة الحسينية الشهيرة كربلا لا زلت كربا وبلا من الطبعة التي صدرت في بغداد باشراف الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو زاعما أنها ليست للشريف الرضي:
إن مقصورة الشريف الرضي: كربلا لا زلت كربا وبلا لأشهر ما نظمه على الاطلاق، فان كان شعره على كثرته، وسعة أغراضه، وسمو معانيه، ورفعة منزلته الأدبية، معروفا عند الأدباء، معنيين بها، فان مقصورته تداولتها الأجيال الواسعة قراءة وسماعا منذ عصره إلى عصرنا الحاضر، بل وأن الكثير منهم قرؤوها أو سمعوها وإن لم يعرفوا القائل.
إن ما قاله الدكتور الحلو حول المقصورة يرجع إلى مصدرين:
1 ما وجده من التعاليق حول المقصورة في بعض مخطوطات الديوان التي استعرض الكثير منها ووصفه في تصديره للديوان.
2 ما ارتآه هو، وإن كان من الطبيعي أنه كان بوحي من تلك التعاليق.
فقد حكى الدكتور التصدير 164 أنه جاء في الأصل وك يقال: أنها آخر ما قاله من الشعر، وأنها ربما كانت منحولة ويقصد بالأصل: مخطوطة دار الكتب المصرية وهي انتساخ لديوان الشريف الرضي صنعة أبي حكيم الخبري، وقد وصفها الدكتور في التصدر 131 133، ومن ك: نسخه كوبر يلي التصدير 147 148، وجاء في س:
لم توجد في ديوانه، بل هي منحولة، لكونها لينة لا تشبه شعره، وهو الصحيح وس رمز لمخطوطة في المكتبة الأهلية بباريس التصدير 157 158 وجاء في هامش ي: إن هذه القصيدة لا يمكن أن تكون من شعره، وإنما دسها عليه أغتام الامامية، لما فيها من العقائد، والليونة التي لا تلائم نفس الشريف وعلق الدكتور: وواضح أن كاتب هذه الحاشية زيدي يجتوي الامامية وي رمز للنسخة اليمنية، وهي نسخة كتبها زيدي، وتداولتها أيد زيدية كثيرة التصدير 133 138.
ومن هذه التعاليق يظهر أن التشكيك، أو النفي يعتمد على أمرين:
1 أنها لينة لا تشبه شعر الرضي.
2 ما فيها من العقائد ويقصدون بها: التصريح بالأئمة الاثني عشر ع التي لا يعتقد بها المعلق فلم يستسغها للشريف!
يضاف إليهما ثالث، وهو ما ارتآه الدكتور نفسه حول المقصورة، وأنها تختلف عن منهج الشريف في حسينياته الأربع الأخرى!
وقبل الدخول في مناقشة هذه النقاط الثلاثة لا بد لي من أن أقدم تاريخا موجزا لهذه المقصورة، بل لشعر الشريف، وأنه كيف جمع، وما موقع المقصورة من ديوانه، وأكتفي هنا بما قاله الدكتور الحلو نفسه في التصدير، وملخصه:
إن شعر الشريف كان مجموعا بصورة أو بأخرى في حياته، وأنه هو كان يتولى ذلك بنفسه، وقد اهتم عدنان ابنه بشعر أبيه بعده، فاخرج من مسوداته أوراقا قليلة نحو كراسة، زادها على شعر أبيه، ثم جاء أبو حكيم الخبري فاخذ هذه الكراسة، وضم إليها الأقطاع والأبيات التي وجدها، وصنع من ذلك كله بابا ألحقه بالديوان سماه باب الزيادات، وقد ذكر في خاتمه الباب أن ما اجتمع له أضعاف ما جمعه ابنه عدنان.
وباب الزيادات الذي صنعه أبو حكيم الخبري يضم خمسة وثلاثين وتسعمائة بيت، زادها على صنعة الرضي لديوانه، وليس كل هذا الشعر من قبيل الأبيات المفردة، أو المقطوعة ذات البيتين، أو الثلاثة، أو الخمسة، وإنما بعض هذا الشعر قصائد، منها قصيدته التي تضم الأبيات 577 607 وهي التي خاطب فيها سلطان الدولة وعرض بذم أعدائه، ومنها قصيدته التي تضم الأبيات 1 62 وهي في رثاء الحسين بن علي (1) ولم يرقمها الدكتور متسلسلة لأنه تفضل فحذفها!
ولا بد من بعض التعريف بأبي حكيم الخبري هذا، فهو: أبو حكيم عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن الخبري، البغدادي، الشافعي 476 1084.
إمام الفرضيين، العلامة كما بقول الذهبي وعامة المترجمين له كانت له معرفة تامة بالحساب والفرائض، وله معرفة بالأدب واللغة، وكان متمكنا من علم العربية. تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، الفقيه الشافعي الشهير، وسمع الحديث الكثير من جماعة. وكان مرضي الطريقة، خيرا، دينا صدوقا، إنتهت إليه الإمامة في الفرائض، والأدب، وكان يكتب الحظ الحسن، ويضبط الصحيح. شرح الحماسة، وديوان البحتري، والمتنبي، والرضي، وكان ينسخ المصحف الكريم، ومات وهو ينسخ مصحفا، وكانت له بنتان، الكبرى رابعة، وأم الخير فاطمة، وكانتا من رواة الحديث والأدب. والخبري نسبة إلى خبر، وكانت قرية بنواحي