مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٧٩
والحق أقول: إن الشريف وفق في مقصورته هذه قدر ما وفق في حسينياته تلك، بل ولعله برز في المقصورة ما لم يبرز في غيرها!
وبعد، فالقصيدة التي تبلغ اثنين وستين بيتا، إن وجد فيها أبيات معدودة لم ترتفع إلى المستوى العام للقصيدة نفسها، أم لم تبلغ المستوى التام لشعر شاعرنا، متى كان هذا دليلا يعتمد عليه على نفي القصيدة وحذفها بتمامها، إلا بالنسبة إلى الرضي، وفي مقصورته الحسينية خاصة، وعند الاعلام الصدامي!!.
فمن من الشعراء، من تقدم على الشريف منهم، من جاهليين، ومخضرمين، وإسلاميين، من أمويين أو عباسيين، أو الذين عاصروه أو جاءوا بعده، وإلى عصرنا الحاضر، لا في الأدب العربي فحسب بل في الآداب الإنسانية كلها بمختلف عصورها ولغاتها من أمكنه أن يحتفظ بمستوى واحد لا يقصر عنه أبدا، في كل ما نظم أو كتب؟!
ولا أجدني بحاجة إلى إيراد الأمثلة، فالتهذيب والانتفاء سمة عامة لكل شاعر وأديب، وشعر المناسبات يختلف عن الآثار الأدبية المقصود منها التبرز والظهور، وبعد التهذيب والانتفاء لا يزال هناك فارق كبير في شعر أي شاعر، وفي أدب أي أديب، بين هذا الشعر وذاك وبين هذا القول وذاك!
والرضي نفسه كان يعمد إلى مثل هذا، وتجد مثالا لذلك في ديوان الرضي: 2 816، وللدكتور الحلو إشارات إلى هذا الأمر، ولعل الشريف أراد لمقصورته أن يعيد النظر فيها ويهذبها أو ينتقي منها، ولكن المنية لم تمهله في سن مبكر نسبيا وهي من آخر ما قاله، وأمانة الخبري لم تسمح له أن يصنع شيئا لم يفعله الشاعر نفسه.
وبهذا أكون قد ناقشت ما قرره الدكتور الحلو: ولعل أفضل وسيلة للحكم عليها أي المقصورة هي الرجوع إلى قصائد الرضي الأخرى في رثاء الحسين بن علي س على قلة شعره في هذا الباب بالقياس إلى شعراء الشيعة فيه ثم يستعرض سماتها العامة ويميزها عما جاء في المقصورة فيقول: وقد استبان من هذا العرض للمعاني التي وردت في القصائد الأربع الأولى، والقصيدة الأخيرة: أنه لا نسب بين هذه الأربع وبينها، فهذه الشكاة التي تنضح بها القصيدة الأخيرة، والاستغاثة بالرسول ص وخصومته لبني أمية في الدار الآخرة، ووقوفه موقف المظلوم، وتعداد الأئمة، واعتبارهم الشافين من العمى، والشفعاء مع الرسول يوم القيامة والتأكيد على مقاطع معينة، إنما هو منا، لا من الدكتور نفسه كل هذا لم نعهده من الرضي في رثائه لأبي عبد الله الحسين، وإنما عهدناه ثائرا تلمع نصول السيوف في شعره، وتتطاول لها ذم الأسنة، مهددا بيوم يجرد فيه الخيل للوغى، لا بالعقاب والحساب في يوم القيامة (1).
وتتلخص المناقشة: نعم هناك فارق ولكن، لا بين شخصين، ولكن بين روحين: فان ما نلمسه في تلك القصائد الأربع، إنما هو روح الشريف نفسه، وما نلمسه في المقصورة إنما هو الوجدان الشيعي المتمثل في الشيعة ومنهم الشريف، فالشريف في تلك يكشف عن نفسه ونفسياته الخاصة به، وفيها يعبر عن روح الولاء الذي يحمله كل شيعي حسيني!
2 وأما الزيدية والامامية وعقيدة الشريف، فأرى أن البحث فيه من لغو القول! فلم يكن الشريف بالرجل المغمور الذي يجهل أصله، وأهله، والوسط الذي كان يعيش فيه، والذين كان يتصل بهم، أو يتصلون به، حتى يجهل مذهبه، ويكون مجال شك، ثم مجال بحث واستدلال! فهو إمامي معروف، معروف بأسرته وأهله، ومن يتصل بهم من الامامية، لم يشك في ذلك أهله ولا أصحابه الامامية! ولكن لاعتبارات لا تخفى، أحكي كلاما لأحد علماء الزيدية حول الموضوع:
قال يوسف بن يحيى بن الحسين بن الإمام المؤيد بالله محمد بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي الحسني الصنعاني الزيدي 1078 1667 1121 1709 بعد أن ذكر جملة من قصيدة الرضي البائية في الأئمة الاثني عشر ع، ومنها:
سقى الله المدينة من محل * لباب الماء والنطف العذاب وجاد على البقيع وساكنيه * رخي الذيل ملآن الوطاب وأعلام الغري وما استباحت * معالمها من الحسب اللباب وقبرا بالطفوف يضم شلوا * قضى ظما إلى برد الشراب وسامرا وبغدادا وطوسا * هطول الودق منخرق العباب (2) قال: هذه الأبيات من القصيدة أردت بإيرادها تبيين معتقد الرضي، رحمه الله تعالى، فان جماعة ممن قصر فهمهم من المؤلفين يتهمونه أنه على مذهب الامام أبي الحسين زيد بن زين العابدين، قدس الله روحه، ونعم ذلك المذهب الفاضل! ومن العجب أن منهم القاضي أحمد بن سعد الدين، مع وفور علمه وإطلاعه، ويحتجون بأنه كان يريد الأمر الذي كان في يد الخليفة ذلك الزمان، بدليل أبياته القافية الشهيرة، التي كتبها إلى الطائع، ولأن ابن عنبة قال في عمدة الطالب: وقيل: أن الرضي كان زيديا. ولم يعلموا أنه أراد الملك لأنه أحق به، ولو أراد الخلافة لم تنتقض عقيدته على مذهب الإمامية، ويلزم من هذا أن المرتضى أخاه، حيث كان أول من بايع الخليفة هو، كان عباسيا، وليس كل من شهر السيف دعي زيديا! وإلا لكان الخوارج زيدية! وهذا شعر الرضي وروايات العلماء عنه تأبى ذلك، وكل تابع لأهل البيت البررة الأتقياء موفق، إن شاء الله تعالى، وتابع جعفر الصادق وزيد بن علي لم يتبع إلا البر التقي المجمع على فضله (3).
3 وأما ما ذكره الدكتور الحلو أخيرا: وظني الغالب أن هذه القصيدة مصنوعة ومنسوبة إلى الشريف الرضي، أراد صاحبها لها الذيوع والانتشار في محافل عاشوراء، فاجتهد ما وسعه الاجتهاد في أن يضع عليها ميسم الرضي، وخانه التوفيق في بناء بعض أبياتها، كما فضحه حشو القصيدة بعقائد لم يمرن

(1) التصدير / 170 - 171.
(2) ديوان الرضي: 1 / 91.
(3) نسمة السحر في ذكر من تشيع وشعر، ترجمة الشريف الرضي، مخطوط - المصورة التي أملكها، ج 2، الورقة (461 / ب - 462 / أ).
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370