منتصرا وقد استقبله علي المؤيد فأبقاه تيمور، في بلاطه وأكرمه، واعترف بسلطانه ولكن لم يسمح له بالعودة إلى سبزوار، إلى أن أمر بقتله سنة 788.
وبعد وفاة علي بن المؤيد قام أهالي مدينة سبزوار الأبطال الذين صعب عليهم قبول سلطة الملك والأتراك بدلا من حكومة أمراء جماعة السربداريين، فقاموا في سنة 785 بانتفاضة عامة بقيادة الشيخ داود السبزواري لاحياء حكومة جماعة السربداريين، إلا أن تيمور توجه إلى سبزوار حالا وحاصر المدينة، وتعذر على الأهالي مجابهة حكومة تيمور المقتدرة، وانتهت الانتفاضة بالفشل والهزيمة.
وبالرغم من الدفاع البطولي عن المدينة، إلا أن مدينة سبزوار استسلمت في بداية شهر رمضان سنة 785 ودخلت عساكر تيمور إلى المدينة. وقام تيمور بمذبحة رهيبة وأمر بدفن ما يقارب من ألفين من المشاركين في الانتفاضة أحياء في جدار أحد الأبراج... إلا أن هذه المذبحة لم تؤثر في معنوية أهالي مدينة سبزوار، ولم تقلل من عزيمة هؤلاء الناس، الذين كانوا يطالبون بالاستقلال، وكانوا مفعمين بمعنوية ممتازة عالية.
وبعد وفاة تيمور سنة 807 ثارت جماعة السربداريين في سبزوار وضواحيها ضد السلطان شاهرخ بن تيمور، وانتخبت أحد أحفاد وجيه الدين مسعود سلطانا لها. ولكن تمكنت عساكر شاهرخ بصعوبة من القضاء على هذه الثورة.
إن انتفاضات وثورات جماعة السربداريين ضد تيمور وأولاده قد تكون مواضيع لدراسات منفصلة لا مجال للبحث فيها هنا.
نتيجة حركة السربداريين وخلفيات هذه الحركة كانت حركة السربداريين أول ثورة أو انتفاضة سياسية وعسكرية شيعية في نطاق حكومة الايلخان المغول وأتراك البادية.
والأمر الآخر هو أن جماعة السربداريين أرادوا استغلال نفوذ الصوفية لتمشية أمورهم. وهذا ما فعله الشيخ خليفة والشيخ حسن الجوري وبعض قادة الجماعة ذلك الأمر الذي فعله الصفويون فيما بعد إن علي بن المؤيد بعد تثبيت دعائم حكومته. وجد أن الصوفيين والدراويش يريدون السيطرة على الأمور، وأن هذا العمل قد يزعزع أسس المدرسة الشيعية، ومن أجل ذلك فقد أراد الاستفادة من فقهاء الشيعة لقيادة الشيعة وإرشادهم في بلاده وتوسيع نطاق التشيع الحقيقي الذي كان مذهب أبناء الإقليم. حول رسالة علي بن المؤيد لم يعرف متى حرر علي بن المؤيد رسالته ومتى أرسلها إلى الشهيد الأول، فقد تسلم علي بن المؤيد السلطة في سنة 766 وعزل سنة 783 بأمر من تيمور... وكانت مدة حكمه سبعة عشر عاما.
إن الشهيد الأول رفض دعوة علي بن المؤيد، وربما كان الرفض بسبب عدم رغبته في ملازمة البلاط والجهاز الحكومي (1). ولكنه وكما سنشرح فقد ألف كتاب اللمعة وهو من أشهر كتب الفقه لدى الشيعة، وأرسله إلى علي بن المؤيد إلى سبزوار ليعمل به أهل العلم من الشيعة ويدرسون على أساسه ويفتون بموجبه ويربون شيعة خراسان على أساس نظرية التشيع الأصيلة والمدرسة الجعفرية العريقة لقد استشهد الشهيد الأول سنة 786، وكان علي بن المؤيد ما زال حيا حيث قتل سنة 788 بأمر من تيمور. ويقول الشهيد في بداية كتاب اللمعة في سبب تأليفه لقد كتبته تلبية لطلب أحد المتدينين.
وبعد مرور مائة وخمسين سنة على تأليف كتاب اللمعة ألف زين الدين علي بن أحمد العاملي الجبعي مواطن الشهيد الأول والمعروف بالشهيد الثاني كتابا في شرح كتاب اللمعة أسماه شرح اللمعة يدرس منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا في جميع حوزات الشيعة العلمية. وهو كتاب يحتوي على دورة كاملة من فقه الشيعة. تم تأليفه من قبل اثنين من فقهاء الشيعة الكبار وهما من أهالي جبل عامل واستشهدا بتهمة التشيع وفي سبيل اعتقادهما.
أما الشهيد الثاني المقتول في سنة 966 فيقول في شرح كلمة الشهيد الأول: كتبته تلبية لطلب من أحد المتدينين أن المقصود بذلك هو شمس الدين محمد الآوي من أصحاب السلطان علي بن المؤيد سلطان خراسان وضواحيها آنذاك. إلى أن استولى تيمور لنك على دولة علي بن المؤيد فأخذه معه قسرا إلى أن توفي حوالي سنة 795 أي بعد تسع سنوات من استشهاد الشهيد الأول.
كانت الصداقة والمراسلة قائمة بين شمس الدين محمد الآوي والمصنف الشهيد الأول وكان شمس الدين محمد الآوي يرسل الرسائل والطرود أولا إلى العراق، ثم من هناك ترسل إلى الشهيد في بلاد الشام.
وقد احتفظ شمس الدين محمد الآوي بالنسخة الأصلية لكتاب اللمعة لأنها كانت بخط الشهيد نفسه وبما أن أحدا لم ير الكتاب ولم يعرضه شمس الدين محمد الآوي على أحد، لم يتمكن أحد من أن يستنسخ نسخة منه.
ولكن أحد الطلاب وكتب على هامش اللمعة أن هذا الشخص اسمه شمس الدين الزابلي أخذ الكتاب من حامله في الطريق واستنسخ منه نسخة. ولما علم بأنه كتاب ثمين، لم تكن لديه أي لدى شمس الدين الزابلي الفرصة الكافية لمطابقته مع النسخة الأصلية، حيث كان على سفر. ولهذا السبب توجد فيه بعض الأغلاط. ولما كان شمس الدين الزابلي قد سافر إلى جانب المؤلف الشهيد الأول، فان الشهيد صحح الأغلاط الموجودة. ولهذا السبب قد تكون النسخة الثانية تختلف في عباراتها مع النسخة الأصلية التي كانت عند شمس الدين محمد الآوي.
كان تأليف الكتاب وإرساله إلى محمد الآوي في سنة 782.
بعض الملاحظات:
نستنتج بعض الملاحظات مما كتبه الشهيد الثاني... وهي: