السربداريين. لقد سيطرت الجماعة على مدينة سبزوار دون أن تواجه أية مقاومة. ويقول مير خواند في كتابه: إن قادة الجيش في سبزوار سلموا أنفسهم إلى جماعة السربداريين، وكان في مدينة سبزوار حصن منيع اتخذته هذه الجماعة مركزا لقيادتها وقاعدة لدولتها الجديدة، لقد سيطرت الجماعة على مدن جوين وأسفراين وجاجرم وبياراجمند. وأطلق عبد الرزاق كلمة الأمير على نفسه. وكما يقول خواند مير في كتابه تربع على كرسي الحكم وقرئت الخطبة باسمه وضربت له النقود. وساد مذهب الشيعة.
وجيه الدين مسعود توفي عبد الرزاق أول امراء السربداريين سنة 738 وخلفه شقيقه وجيه الدين مسعود أميرا على الجماعة. فتمكنت الجماعة بقيادة وجيه الدين مسعود من القضاء على عساكر كبار قادة المغول والأتراك وأقطاب الأقطاعيين المحليين، الذين كانوا قد التحقوا بالمغول وذلك في الفترة من سنة 739 إلى سنة 745، فعقد أمراء خراسان الذين كان يترأسهم أرغون شاه جاني قرباني اجتماعا أقنعهم فيه أرغون شاه بضرورة القضاء على جماعة السربداريين، وفي غير هذه الحالة فان الحياة ستكون محرمة عليهم، خاصة وأن مريدي وأنصار الشيخ حسن الجوري قد ازدادوا كثيرا. وقد قرر الأمراء إرسال ثلاث فرق من العسكر إلى ضواحي مدينة نيسابور على أن تصل هذه الفرق الثلاث في اليوم والساعة المحددتين إلى هناك وتتلاحق معا، وتهاجم أفراد جماعة السربداريين ولكنهم لم يطبقوا هذا القرار نظرا للغيرة الموجودة بينهم وبالرغم من أن هذه الفرق وصلت في يوم واحد إلى نيسابور، إلا أن ساعات وصولها كانت مختلفة مما سهل على جماعة السربداريين القضاء عليهم، والحصول على غنائم كثيرة.
لقد حاول الأمير أرغون شاه عبثا أن يخرج الخوف والرعب من جيوشه، ويمنعهم من الهزيمة. ولكن في النهاية اضطر هو أيضا إلى الهرب. وتعتبر المصادر الإيرانية هذا اليوم، بيوم انتصار الإيرانيين على الأتراك، يعني سكان البادية من المغول والأتراك.
يبدو أن رئيسين كانا يحكمان في حكومة جماعة السربداريين: أحدهم عالم ديني أي الشيخ حسن الجوري، والآخر سياسي أي السلطان وجيه الدين مسعود. ولا شك أن هذا الأمر كان بسبب صيت الشيخ واشتهاره.
وكان الشيخ حسن الجوري ووجيه الدين مسعود يعملان معا في البداية ولكن سرعان ما حصل الخلاف بينهما كما كان متوقعا... ولم يخف الخلاف الداخلي على أعدائهم. فأرسل الأمير محمد بيك بن الأمير أرغون شاه رسالة إلى الشيخ حسن الجوري تنبأ فيها بسقوط الأمير مسعود العاجل، وطلب من الشيخ عدم مساعدة جماعة السربداريين... إلا أن الخلافات الداخلية في هذه الجماعة لم تمنعهم من العمل المشترك. وأرسل طوغاي تيمور آخر رؤساء المغول موفدا إلى الشيخ حسن ووجيه الدين مسعود وأمرهم بالانقياد إليه...
فبعث الشيخ رسالة إلى طوغاي تيمور جاء فيها:
يجب على الملك وعلينا أن نطيع الله عز وعلا وأن نعمل حسب آيات القرآن المجيد. وكل من يخالف هذا الأمر يكون متمردا وعاصيا، ويجب على الآخرين محاربته والقضاء عليه. إذا عاش الملك حسب ما أمره الله ورسوله ص فإننا سنتبعه وفي غير هذه الحالة فالسيف يكون الفاصل بيننا وبينه....
ولا ننسي أن جماعة السربداريين كانت تعتبر أمراء المغول ورؤساءهم ظالمين بالرغم من قبولهم الاسلام. لأن الشريعة المغولية كانت لا تزال سارية المفعول بينهم ولأنهم كانوا يقومون بجباية الضرائب والرسوم خلافا للقرآن والشريعة الاسلامية، وأن هؤلاء كانوا قد غصبوا رئاسة المجتمع الاسلامي بغير حق.
وأن مقاومة هؤلاء كانت جائزة حسب قوانين الشرع الاسلامي.
توجه طوغاي تيمور خان مع عساكره من مغول البادية لمحاربة جماعة السربداريين وذكر مير خواند في كتابه أن عدد عسكر طوغاي تيمور كان يقدر بسبعين ألف رجل، ويبدو أن هذا العدد كان مبالغا فيه.
توجه الشيخ حسن والأمير مسعود على رأس جيش من ثلاثة آلاف وسبعمائة رجل، وكل واحد منهم يعتبر نفسه بطلا أسطوريا، توجهوا إلى مازندران وجعلوا من ضفاف نهر كركان مخيما لعسكرهم. وأرسلا مبعوثا مؤكدا لطوغاي تيمور ضرورة العمل بما أمر الله سبحانه وتعالى، لانهاء الحرب وحقن الدماء، ومن تمرد وطغى فسيرى نتيجة سوء عمله....
فأجاب طوغاي تيمور قائلا:
... أنتم جماعة من القرويين تريدون التآمر علينا وخداع الشعب...
وانتهت الحرب بانتصار السربداريين الكامل... فتشتت عساكر المغول، وهزموا مع طوغاي تيمور نفسه... وقد ذكر المؤرخون تاريخ هذا الانتصار سنة 742 أو سنة 743 وبعد هذا الانتصار الباهر حاولت جماعة السربداريين بسط هيمنتها على جميع أنحاء خراسان.
كان المفروض على الشيخ حسن والأمير مسعود تلبية طلبات عامة الشعب والدخول في الحرب مع أكبر أمراء الاقطاع في خراسان وهو معز الدين حسين كرت ملك هرات. وكان معز الدين آنذاك مستقلا وحليفا وصديقا لطوغاي تيمور خان المغولي. فجهزت جماعة السربداريين جيشا مؤلفا من عشرة آلاف مقاتل. وكان هذا الهجوم مهما جدا لمستقبل الجماعة إذ كان الهدف منه تحرير جميع أنحاء خراسان من هيمنة المغول.
استشهاد الشيخ حسن الجوري إلا أن آمال السربداريين لم تتحقق ففي الثالث عشر من شهر صفر سنة 743 وعلى مسافة فرسخين من مدينة زاوه اندلعت الحرب بينهم وبين عسكر الملك معز الدين حسين كرت. وكان ملك هرات قد جهز جيشا يقدر بثلاثين ألف مقاتل من التاجيك والغور والمغول والخلج والبلوش.
وكان الانتصار حليف السربداريين في بداية الحرب، إلا أن الشيخ حسن الجوري قتل في الحرب فجأة. فألقت وفاته الرعب بين الجماعة وتناثرت صفوفهم وفشلوا وانهزموا. فأسر رجال ملك هرات عددا من أفراد جماعة السربداريين وأمر بقتلهم جميعا عدا الشاعر ابن يمين. ويبدو أن عدد الأسرى كان أربعة آلاف رجل. ويقول ابن بطوطة: إن السمنانيين، أي أمير سمنان قد هاجم جماعة السربداريين من الغرب مما سهل انتصار ملك هرات عليهم.
ويقول حافظ أبرو: إن الدراويش وأنصار الشيخ حسن يعتقدون أن الأمير مسعود كان له الضلع في اغتيال الشيخ حسن الجوري وكان هذا الأمر بتأييد منه.
ويقول: كل من مير خواند وخواند مير بصراحة: