مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ١٧٩
أن شرب المغول الخمر سكروا وطلبوا الوجه الحسن، وبلغت الفضيحة إلى درجة أن طلبوا عورتيهما. فقال الإخوان: يكفي ما تحملناه من العار، فلترفع رؤوسنا فوق المشنقة فسلا سيفهما وقتلا المغول الخمسة وخرجا من البيت وقالا إننا نسلم رأسينا للمشنقة وهكذا بدأت الانتفاضة (1).
ويقول حافظ أبرو في كتابه... كان الأغلبية من الأهالي في قرية باشتين من أعمال ولاية بيهق قد أصبحوا من مريدي الشيخ حسن، ولهذا كانوا منذ مدة قد استعدوا للانتفاضة... ومن أجل أن نعرف مدى أهمية عملية هذين الأخوين الشيعيين مريدي الشيخ حسن الجوري في قتل الأفراد المغول الفاسدين الظالمين، وخروجهما من البيت بفخر واعتزاز، والاعلان بصوت عال أننا نسلم رأسينا للمشنقة، يحسن بنا أن نقرأ الأسطر أدناه الذي أشار إليها العالم الروسي في ذيل كتابه: يشير رشيد الدين في كتابه جامع التواريخ إلى اعتداءات أفراد المغول المتكررة الذين كانوا يدخلون القرى ويقيمون فيها على نواميس وأعراض النساء، ويقول على لسان عمدة إحدى القرى إنه بعد مرور عدة أعوام سوف لا نجد طفلا حلالا وإن ما سيبقى سيكون من اللقطاء وأبناء الحرام أولاد الأتراك والهجناء.
أول أمير في سلالة السربداريين عبد الرزاق العلوي السبزواري تلقى الخواجة علاء الدين هندو وزير حاكم خراسان نبا مقتل خمسة من أفراد طائفة المغول على أيدي شقيقين من مدينة سبزوار، بتلك البسالة والجرأة اللتين لا مثيل لهما في ذلك العصر وفي هذه الأيام وصل إلى قرية باشتين المدعو عبد الرزاق وهو نجل أحد الملاكين المحليين، وقد تزامن مجيئه مع قدوم رسول من جانب الخواجة علاء الدين هندو، لاستدعاء حسن حمزة وحسين حمزة.
فطلب الموفد المذكور الأخوين المذكورين لمعاقبتهما بسبب قتلهما خمسة من المغول. فرد عليه عبد الرزاق عمدة القرية قائلا: قل للخواجة إن أفراد طائفة المغول قتلوا لأنهم ارتكبوا الفضائح.
فلما عاد الرسول إلى علاء الدين هندو وأبلغه بالجواب، غضب علاء الدين وأرسل مائة من أفراده لاستدعاء الشقيقين واعتقالهما. فراجعوا عبد الرزاق لهذا الأمر، فخرج عبد الرزاق من القرية وحارب أفراد علاء الدين وهزمهم ثم أخذ يستعد للحرب فجمع أهالي قرية باشتين وثار بهم.
كما شوهد مرارا في القرون الوسطى، فان هذه الانتفاضة التي قام بها القرويون لم يكن يتزعمها أو يقودها زعيم وطني حقيقي، بل تزعم الحركة شاب كان ابن ملاك القرية الخواجة جلال الدين فضل الله الباشتيني كان من عائلة غنية عريقة ويصل نسبه الأبوي إلى الإمام الحسين بن علي. ففي القرن الرابع عشر الميلادي لم ينتم سادة باشتين إلى طبقة الأقطاعيين ولكن كانت لهم مكانتهم بين أعيان المنطقة في ولاية بيهق.
ويقول دولتشاه في كتابه حول عبد الرزاق ما يلي:
كان عبد الرزاق في البداية من جماعة السربداريين وهو ابن الخواجة فضل الله الباشتيني الذي كان في الحقيقة من حاشية ملك جوين. وباشتين قرية من أعمال مدينة سبزوار... وكان عبد الرزاق شابا شجاعا طويل القامة حسن المنظر.
وعلى هذا فان سلالة جماعة السربداريين هي من سلالة الإمام الحسين ع... فانضم عبد الرزاق إلى جانب القرويين بعزم راسخ بعد أن اطلع على الأحداث التي مرت على مسقط رأسه ودعاهم إلى الانتفاضة على رجال المغول. إن هذا القرار كان هينا وبسيطا على عبد الرزاق، لأنه لم تكن تربطه بعد هذا مع الايلخان أية صلة، ولم يكن يفقد شيئا. إن هذا الشاب كان يأمل أن يقوم بحركته بالتعاون مع القرويين فيستولي على إقليم واسع.
ويقول المؤرخون: إن جماعة من القرويين الأبطال المسلمين اختاروا عبد الرزاق قائدا عليهم بسبب قدرته البدنية وشجاعته اللتين اشتهر بهما. وقد اختار المنتفضون كلمة السربداريين لأنفسهم، إن رواية المؤرخين التي تشير إلى تاريخ جماعة السربداريين تقول إن هذه العبارة تعني المحكومين عليهم بالشنق، اليائسين غير المعفو عنهم (2) ويبررون ذلك بقولهم: إن المنتفضين كانوا يقولون: إن جماعة من المفسدين الذين سيطروا على الناس يظلمون الأهالي، فإذا وفقنا الله فسنقضي على الظالمين وظلمهم، وفي غير هذه الحالة نفضل أن نشنق لأننا لا نتحمل الظلم والعدوان أكثر من هذا.
وتعتقد أغلبية المصادر الموجودة أن انتفاضة باشتين قامت في الثاني عشر من شهر شعبان سنة 737. وأن علاء الدين محمد هندو وزير حاكم خراسان أرسل ألفا من فرسانه المسلحين للقضاء على الانتفاضة إلا أن القرويين سحقوا قوات علاء الدين وأرغموها على الهزيمة، وأن المنتفضين قرروا القضاء على علاء الدين محمد هندو نفسه.
فهرب مع ثلاثمائة من رجاله من فريومد إلى أسترآباد التي كانت مقر الأمير الشيخ علي حاكم خراسان، إلا أن جماعة السربداريين لاحقوه ووصلوا إليه واعتقلوه وقتلوه بالقرب من منطقة كبود جامة الجبلية في كركان. ثم استولت جماعة السربداريين على أموال وخزائن علاء الدين محمد هندو وتقاسموها بينهم. وكانت قوات جماعة السربداريين تتألف آنذاك من سبعمائة رجل مسلح. ويقول ظهير الدين المرعشي في كتابه: إن جميع الأحرار انخرطوا في جماعة السربداريين وكانت نشاطات هذه الجماعة تقتصر في البداية على حروب غير نظامية ضد الأقطاعيين المغول الكبار أو أنصارهم. ويقول ابن بطوطة الذي كان قد سمع الكثير من الحكايات عن جماعة السربداريين من معارضيهم، كان سبعة قادة أبطال على رأس جماعة السربداريين في البداية:
مسعود وجيه الدين مسعود، شقيق عبد الرزاق محمد ربما المقصود هو إي تيمور محمد، مملوك مسعود وخمسة من رفاقهما.
وكانت وجهة نظر ابن بطوطة حول جماعة السربداريين الشيعة غير طبيعية بسبب تعصبه للسنة إلا أنه يقول عنهم إن نظام العدالة كان ساريا عندهم إلى درجة كانت النقود الذهبية والفضية ملقاة على الأرض في مخيماتهم ولا يمد أحد منهم يده لالتقاطها حتى يأتي صاحبها ويلتقطها....
إن جماعة السربداريين سيطرت على بقية المدن المجاورة أيضا، ويقول خواند مير لم يكن في جميع أنحاء ولاية بيهق من يجرؤ على الوقوف بوجه جماعة

(١) من هنا أطلق اسم (السربداريين)، ومعناه: المشنوقون.
(٢) أي المستضعفين حسب ما جاء في القرآن الكريم.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370