وفي تلك الحرب بينهم وبين الملك، استشهد الشيخ حسن بأمر من الأمير مسعود وبسيف أحد أفراد جماعة السربداريين.
ويقول دولتشاه في كتابه: إن الخواجة مسعود أمر شخصا بانزال ضربة على الشيخ حسن وفي كتاب نكارستان غفاري الذي تم تأليفه بعد مدة طويلة من اغتيال الشيخ حسن، جاءت هذه الرواية وأن مؤلف الكتاب ادعى بان الرجل الذي أنزل ضربته على الشيخ حسن هو من جماعة السربداريين ويدعى نصر الله الجوني...
يعترف المؤرخون جميعهم بان جماعة السربداريين كانوا هم المنتصرين، إلا أن وفاة الشيخ حسن أسفرت عن ارتباكهم وبالتالي هزيمتهم. وتعذر على السربداريين بعد هذه الهزيمة جمع شملهم في خراسان الشرقية فكانوا دائما في خوف وارتباك من عدو قادر وهو ملك هرات من سلالة كرت، في شرق أراضيهم.
ووقع الشاعر الإيراني المعروف ابن يمين الذي كان قد انخرط في جماعة السربداريين أسيرا بأيدي ملك هرات... ولكنه انتهز بعض الفرص وهرب من السجن والتحق ثانية بجماعة السربداريين... وتوفي في الثامن من جمادى الثانية سنة 769. ثم جهز وجيه الدين مسعود في الأيام الأخيرة من حكومته جيشا لغزو مازندران... وتمكنت جماعة السربداريين من احتلال مدينة آمل أكبر مدن مازندران. إلا أن أحد الأمراء الأقطاعيين في منطقة رستمدار نصب لهم كمينا داخل غابات المنطقة وحاصرهم وقتل عددا منهم واعتقل عددا آخر بما فيهم وجيه الدين مسعود. ثم أمر حاكم ولاية رستمدار بقتل وجيه الدين مسعود. وكانت هذه الهزيمة في شهر ربيع الثاني سنة 745. إلا أن هاتين الهزيمتين العسكريتين لم تقضيا على حكومة السربداريين. واستلم زمام الحكم بعد موت وجيه الدين مسعود عشرة من كبار الجماعة واحدا تلو الآخر كان بعضهم ينتسب إلى الجناح الاعتدالي والبعض الآخر إلى الجناح المتطرف.
شمس الدين علي هو أول حاكم يتزعم السربداريين بعد وفاة وجيه الدين مسعود ولا يحمل لقب السلطان لأن لطف الله بن وجيه الدين مسعود الذي كان صغيرا حين وفاة والده هو الذي يجب أن يخلف أباه، وكانوا يعرفونه بأنه ولي العهد وكانوا يلقبونه ب ميرزا... وكان الخواجة شمس الدين علي أكبر وأبرز الحكام في جماعة السربداريين... يقول دولتشاه في كتابه:... إن الناس كانوا مرفهين وكانوا يعيشون بسعادة وكفاف... ويقال إنه كان يدفع الديون نقدا وفي الحال... كانت حياته بسيطة جدا... وكان يسير في الطرقات ومعه واحد أو اثنين من الملازمين له، وكان بامكان جميع الناس الاجتماع به ومقابلته.
وبالرغم من الأوهام التي كانت موجودة بين الإيرانيين، فإنه لم يكن يستنكف من الجلوس مع غسالي الأموات ومعاشرتهم، وهم كانوا من طبقة البؤساء والمحرومين والبائسين في المدن. كان يلاحق الذين كانوا يعيشون بالبذخ ويبدو أن هذا الأمر كان من أجل الدراويش. لقد منع شرب الخمر واستعمال الأفيون. بحيث أصبح في مدينة سبزوار: لا يجرؤ أحد أن يذكر كلمة الخمر والأفيون...
وكانت حكومة السربداريين في عهد شمس الدين علي في غاية من القوة بحيث اكتفت حكومة طوغاي تيمور بإقليمها في كركان ومازندران، وكان الملك معز الدين حسين كرت في هرات يخاف منهم.
خاضت جماعة السربداريين حربا مع أرغون شاه جاني قرباني في عهد الخواجة شمس الدين علي وحاصرت مدينة طوس وكانت على وشك الاستيلاء على المدينة، إلا أن هذه الجماعة عدلت عن محاصرة طوس من أجل مواجهة الهجوم الذي كان قد عزم الملك معز الدين حسين كرت ملك هرات عليه: قتل الخواجة شمس الدين علي بعد حكم دام خمسة أعوام على أيدي خادمه المدعو حيدر القصاب، وكان جابيا للضرائب.
يحيى الكرابي وانهيار سلالة طائفة هولاكو كان يحيى الكرابي من أهالي قرية كراب من أعمال بيهق وهو خادم وجيه الدين مسعود ومن ملازميه الأقربين... ولكنه كان أكثر حزما واحتياطا من وجيه الدين مسعود. وكان يجلس حول بساط كرمه الغني والفقير معا، ولما كانت منطقة طوس ومشهد وضواحيهما قد دمرت تماما بسبب الاجراءات الوحشية التي كان قد مارسها أمراء جاني قرباني، فقد قامت جماعة السربداريين بمشاريع عمرانية في تلك المناطق بعد تحريرها.
ويقول دولتشاه في كتابه: بدأت جماعة السربداريين بإعادة بناء ما كان قد دمره عسكر جاني قرباني في طوس وأعادت تعمير القنوات في ولايتي طوس وشهد....
إن من أهم الخدمات التاريخية التي قامت بها جماعة السربداريين والتي لا تنكر: هي القضاء على ما تبقى من حكومة سلالة طائفة هولاكو، وكان ذلك في عهد حكومة يحيى الكرابي... بتاريخ السادس عشر من شهر ذي القعدة سنة 754 وبذلك ثم القضاء على آخر معقل لحكومة المغول سلالة طائفة هولاكو وذلك على أيدي هذه الجماعة ومما لا شك فيه أن السربداريين بتدميرهم وكر الوحوش ومعقل قطاع الطرق والسارقين قد قاموا بعمل بطولي كبير بارز. فقد أصبحت ولاية كركان ومدينة أسترآباد في حيازتهم، وامتدت دولتهم من سواحل جنوب شرق بحر الخزر حتى مدينتي طوس ومشهد.
إلا أن انهيار حكومة الايلخان لم يؤد إلى انهيار سلطة المغول في جميع أنحاء إيران والدول المجاورة، حيث كانت الآداب وأساليب الإدارة المغولية ما زالت قائمة في الحكومات الاقطاعية في الشرق الأوسط.
علي بن المؤيد استمرت حكومة علي بن المؤيد أكثر من غيره من أمراء جماعة السربداريين ويقول عنه دولتشاه في كتابه كان متعصبا في مذهب الشيعة أكثر من أسلافه... وقد أمر بضرب النقود باسم أئمة الشيعة الاثني عشر. وكان يحترم السادة ورجال الدين احتراما خاصا... ويقول دولتشاه في كتابه أيضا:
كان الناس مرتاحين في عصره وكانت الضرائب التي يأخذها من الناس لا تزيد عن ثلاثة في العشرة وكان يعتبر نفسه عمدة القرية وكانت ملابسه التي يلبسها بسيطة كان يجلس حول بساطة الخاص والعام متساويين وكان يوزع ما في داره في رأس كل سنة جديدة، وكان يتجول في الليالي في الأزقة والمحلات ويعطي النساء الأرامل المال والطعام.
وفي سنة 783 دخل تيمور لنك السفاك التتري المعروف مدينة سبزوار