مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ١٣٣
وليس من الضروري أن تكون هذه الكاس من الراح، والشاعر ممن لا يشربونها لا هو ولا نداماه، بل يكفي أن تكون كأسا من الشاي في مجلس أنيق. ولا يطيل الشاعر في ذلك بل يمضي مسرعا إلى التمدح بحمد:
وطوى البشر الأماني إذ وطا * حمد البيك من الظهر السناما قد شكا السيف الظما حتى ارتوى * وانحنى عود القنا حتى استقاما واطئ الهام احتكم فيها بما * تنصف الحكمة في البين احتكاما ودع الحكمة تعطي قسمها * للظبي هاما وللتيجان هاما برميش كيف أوطأت العدى * ضمر الخيل فنكست النظاما إذ لوى مير اللوا عنه اللوا * والتوى كالظبي يحتل الأجاما بفلسطين جيوش حشدت * قدت بالحزم لها جيشا لهاما وعلى الأردن منك انتفضت * ردن الموت هجوما واقتحاما كم شفى سيفك قلبا موجعا * في شفا عمرو وأحييت رماما ويمضي في قصيدته على هذا المنوال حتى يختمها بنفس الشطر الذي افتتحها به:
لم يزل ذكرك يعلو كلما * بشرت بالمزن أرواح النعامى الشيخ علي سبيتي (1) هذا الرجل من أفذاذ جبل عامل المتميزين. ولم يكن الشعر صفته الغالبة عليه، بل كان إلى جانب شاعريته على مشاركة طيبة بعلوم اللغة وبالتاريخ.
ووصف في كتاب أعيان الشيعة بأنه: نحوي بياني لغوي شاعر كاتب مؤرخ. كما وصف بصفات خلقية أخرى منها أنه مصارح بالحق غير مداهن، وأنه حسن النادرة ظريف المعاشرة.
لقد كان اتصال السبيتي بحمد المحمود ثم بعده بابن أخيه علي الأسعد اتصالا وثيقا.
على أن المؤسف أن ليس بين أيدينا من شعره إلا النزر اليسير مما لا يتعدى قطعة من قصيدة نظمها استجابة لطلب حمد المحمود في مدح السلطان عبد المجيد، وأرسلت إليه. نظمت عن لسان حمد نفسه وأديت باسمه لا باسم ناظمها ويمكن أن تكون قد نظمت بعد عزل حمد، وكان نظمها وإرسالها من الوسائل التي توسلها حمد للتقرب من الدولة ليعود إلى ما كان عليه من الحكم والتسلط كما أنه يمكن أن تكون قد نظمت بعد الانتصار على جند إبراهيم باشا، وقدمت للسلطان تدليلا على ما قام به حمد وإشارة إلى بلائه في تلك الوقائع. فمما حفظ من تلك القصيدة:
لنا يوم الحبيس وأي يوم * منعنا شوس مصر أن تناما وقبلا يوم حمص لو ترانا * أثرنا نقع حرب قد أغاما نصبنا المجد حتى أن قوما * بظل فخارنا ضربوا الخياما وكم يوم عبوس قمطرير * عقدنا فوق هامتهم قتاما سننا كل نعمى في البرايا * بأعناق الملوك غدت وساما وغبرنا لكسرى أي وجه * بعدل مليكنا فسما وسامى قضى دين المفاخر والمعالي * وأيقظ عدله قوما نياما ولا شك أن هذا الشعر هو من مظاهر الشعر العسكري العاملي الذي بلغ ذروته في عهد حمد.
على أن الشعر العسكري العاملي قد انتهى بانتهاء شعراء عصر حمد.
وكانت معارك حمد آخر المعارك التي يخوضها العامليون دفاعا عن جبلهم وصيانة لوجودهم. إذ أن الدنيا كانت قد تبدلت،.
السيد موسى عباس (2) وعلى العكس من الشيخ حبيب الكاظمي، الشاعر العراقي الذي عاش في جبل عامل، فان السيد موسى عباس شاعر عاملي نشأ وعاش في العراق وتوفي بالنجف. ويبدو مما ذكره صاحب جواهر الحكم أنه كان يكثر القدوم من العراق إلى الجبل ثم يعود إلى مقره، على ما كان في هذا الترحال من مشاق. وأن من عوامل تردده إلى الجبل هو ما كان يلقاه في بلاط حمد المحمود من إكرام تعززه مدائحه في حمد. فقد قال صاحب جواهر الحكم ما نصه: نشأ في العراق وقرأ الدرس ولكن تغلب عليه الشعر. زار أمراء جبل عامل مرارا ورجع إلى العراق ومدحهم باشعار كثيرة، وما قصروا عن نصرته.
على أنه ليس بأيدينا من مدائحه فيهم إلا ما مدح به حمد المحمود في قصيدة أشرك معه فيها بالمدح أخاه أسعد. وقصيدة أخرى، أشرك معه فيها ابن أخيه علي الأسعد. والقصيدة الأولى نظمها بعد وفاة أسعد، فلم يرد ذكره فيها إلا في بيت واحد منها، انتقل بعده إلى ذكر ولده علي في بيت آخر، ثم أجمل ذكر الآباء والأجداد في عدة أبيات، ثم استرسل في مدح حمد.
ومادة المدح هنا هي كما قلنا من قبل، وكما ساد في شعر شعراء عصر حمد هي: ذكر الحروب والوقائع والتغني بالبطولة:
هو ابن أبي الهيجاء مردي كماتها * وفارسها المعروف عند التصادم ولا بد من استثارة سجية الكرم في الممدوح:
هو الغيث قد عم الأنام مواهبا * هو البحر من جدواه فيض الغمائم على أنه يعطي نضارا وعسجدا * وذاك بغير الماء ليس بساجم وبعد الإشارة إلى العطاء والتصريح بالنضار والعسجد، يعود إلى ما صار الأصل في موضوع المدائح العاملية، يعود إلى المعارك وذكر الأبطال ونهب الأرواح وحومة الوغى:
ويا مورد الأبطال في هوة الردى * ويا تارك الأموال غنما لغانم ويا ناهب الأرواح في حومة الوغى * ويا تارك الأجساد طعم القشاعم وكم وقعة مشهورة لك في العدى * سرى ذكرها في عربها والأعاجم تركت بها الأبطال صرعى على الثرى * خواشع أشلاء بغير جماجم وكما أشرنا فيها تقدم فقد أصبح حمد حاكما على الجبل بإرادة حكومية، وأصبح ممثل الدولة فيه، مما لم يكن معروفا من قبل. وهنا نجد في هذا الشعر تعريفا جديدا لحمد، لم يكن يذكر في مدائح أسلافه، هو وصفه بالحاكم:
ويا حاكما بين الأنام بعدله * ويا منصف المظلوم من كل ظالم

(1) راجع ترجمته في الصفحة 303 من المجلد الثامن.
(2) راجع ترجمته في الصفحة 190 من المجلد العاشر.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370