فوجهوا إلى بريه يعلمونه الخبر فوافاهم فيمن كان بقى من الخول وجماعة من الجند وقت طلوع الفجر فساروا حتى انتهوا إلى خندق يعرف ببنى حمان ووافاهم بنو تميم ومقاتلة السعدية فلم يلبثوا أن طلع عليهم علي بن أبان جماعة الزنج والاعراب على متون الخيل فذهل بريه قبل لقاء القوم فرجع إلى منزله فكانت هزيمة وتفرق من كان اجتمع من بنى تميم ووافى على فلم يدافعه أحد ومر قاصدا إلى المربد ووجه بريه إلى بنى تميم يستصرخهم فنهض إليه منهم جماعة فكان القتال بالمربد بحضرة دار بريه ثم انهزم بريه عن داره وتفرق الناس لانهزامه فأحرقت الزنج داره وانتهبوا ما كان فيها فأقام الناس يقتلون هنالك وقد ضعف أهل البصرة وقوى عليهم الزنج واتصلت الحرب بينهم إلى آخر ذلك اليوم ودخل على المسجد الجامع فأحرقه وأدركه فتح غلام أبى شيث في جماعة من البصريين فانكشف على وأصحابه عنهم وقتل من الزنج قوم ورجع على فعسكر في الموضع المعروف بمقبرة بنى شيبان فطلب الناس سلطانا يقاتلون معه فلم يجدوه وطلبوا بريها فوجدوه قد هرب وأصبح أهل البصرة يوم السبت فلم يأتهم علي بن أبان وغاداهم يوم الأحد فلم يقف له أحد وظفر بالبصرة * قال محمد بن الحسن وحدثني محمد بن سمعان قال كنت مقيما بالبصرة في الوقت الذي دخلها الزنج وكنت أحضر مجلس إبراهيم بن محمد بن إسماعيل المعروف ببريه فحضرته وحضر يوم الجمعة لعشر ليال خلون من شوال سنة 257 وعنده شهاب بن العلاء العنبري فسمعت شهابا يحدثه أن الخائن قد وجه بالأموال إلى البادية ليعرض بها رجال العرب وأنه قد جمع جمعا كثيرا من الخيل وهو يريد تورد البصرة بهم وبرجالته من الزنج وليس بالبصرة يومئذ من جند السلطان إلا نيف وخمسون فارسا مع بغراج فقال بريه لشهاب إن العرب لا تقدم على بمساءة وكان بريه مطاعا في العرب محببا إليهم قال ابن سمعان فانصرفت من مجلس بريه فلقيت أحمد بن أيوب الكاتب فسمعته يحكى عن هارون بن عبد الرحيم الشيعي وهو يومئذ يلي بريد البصرة أنه صح عنده أن الخائن جمع لثلاث خلون من شوال في تسعة أنفس فكان وجوه أهل البصرة وسلطانها المقيم بها من الغبا عن حقيقة خبر الخائن على ما وصفت وقد كان
(٦٠٤)