عليه وعلى هذه الأمة ببقائه فان الموالى قد أخذوه بأن يخلع نفسه وهو يعذب منذ أيام والمدبر لذلك أحمد بن محمد بن ثوابة والحسن بن مخلد رحم الله من أخلص النية ودعا وصلى على محمد صلى الله عليه وسلم فلما كان يوم الأربعاء لأربع خلون من صفر من هذه السنة تحرك الموالى بالكرخ والدور ووجهوا إلى المهتدى على لسان رجل منهم يقال له عيسى إنا نحتاج أن نلقى إلى أمير المؤمنين شيئا وسألوا أن يوجه أمير المؤمنين إليهم أحد إخوته فوجه إليهم أخاه عبد الله أبا القاسم وهو أكبر إخوته ووجه معه محمد بن مباشر المعروف بالكرخي فمضيا إليهم فسألاهم عن شأنهم فذكروا أنهم سامعون مطيعون لأمير المؤمنين وأنه بلغهم أن موسى ابن بغا وبايكباك وجماعة من قوادهم يريدونه على الخلع وأنهم يبذلون دماءهم دون ذلك وأنهم قد قرؤا بذلك رقاعا ما ألقيت في المسجد والطرقات وشكوا مع ذلك سوء حالهم وتأخر أرزاقهم وما صار من الاقطاعات إلى قوادهم التي قد أجحفت بالضياع والخراج وما صار لكبرائهم من المعاون والزيادات من الرسوم القديمة مع أرزاق النساء والدخلاء الذين قد استغرقوا أكثر أموال الخراج وكثر كلامهم في ذلك فقال لهم أبو القاسم عبد الله بن الواثق اكتبوا هذا في كتاب إلى أمير المؤمنين أتولى إيصاله لكم فكتبوا ذلك وكاتبهم في الذي يكتبون محمد ابن ثقيف الأسود وكان يكتب لعيسى صاحب الكرخ أحيانا وانصرف أبو القاسم ومحمد بن مباشر فأوصلا الكتاب إلى المهتدى فكتب جوابه بخطه وختمه بخاتمه وغدا أبو القاسم إلى الكرخ فوافاهم به إلى دار أشناس وقد صيروها مسجد جامع لهم فوقف ووقفوا له في الرحبة واجتمع منهم زهاء مائة وخمسين فارسا ونحو من خمسمائة راجل فأقرأهم من المهتدى السلام وقال يقول لكم أمير المؤمنين هذا كتابي إليكم بخطى وخاتمي فاسمعوه وتدبروه ثم دفع الكتاب إلى كاتبهم فقرأه فإذا فيه (بسم الله الرحمن الرحيم) والحمد لله وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم تسليما كثيرا أرشدنا الله وإياكم وكان لنا ولكم وليا وحافظا فهمت كتابكم وسرني ما ذكرتم من طاعتكم وما أنتم عليه فأحسن الله جزاءكم
(٥٧٢)