لهم لا يجتازون بعامر إلا أخرجوه ولا بحريم لمسلم ولا غيره إلا أباحوه ولا بمسلم يعجز عنهم إلا قتلوه ولا بمال لمسلم ولا ذمي إلا أخذوه حتى انتقل كثير ممن سبقت إليه أخبارهم ممن أمامهم عن أوطانهم وفارقوا منازلهم ورباعهم وفزعوا إلى باب أمير المؤمنين تحصنا من معرتهم لا يمرون بغنى إلا خلعوا عنه لباس الغنى ولا بمستور إلا هتكوا عن الذرية والنساء ستره لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا يتوقفون عن مسلم بهتك ولا مثلة ولا يرغبون عما حرم الله من دم ولا حرمة ثم تلقوا التذكرة بالحرب وقابلوا الموعظة بالاصرار على الذنب وعارضوا التبصير بالاستبصار في الباطل فدلفوا نحو باب الشماسية وقد رتب محمد بن عبد الله ولى أمير المؤمنين بذلك الباب والأبواب التي سبيلها سبيله من أبواب مدينة السلام الجيوش في العدة الكاملة والعدة المتظاهرة معاقلهم التوكل على ربهم وحصونهم الاعتصام بطاعته وشعارهم التكبير والتهليل أمام عدوهم ومحمد بن عبد الله مولى أمير المؤمنين يأمرهم بتحصين ما يليهم والامساك عن الحرب ما كانت مندوحة لهم فبادأهم الأولياء بالموعظة وبدأهم الغواة الناكثون بحربهم وعادوهم أياما بجموعهم وعدادهم مدلين بعدتهم ومقدرين ألا غالب لهم ولا يعلمون بالله أن قدرته فوق قدرتهم وأن أقداره نافذة بخلاف إرادتهم وأحكامه عادلة ماضية لأهل الحق عليهم حتى إذا كان يوم السبت للنصف من صفر وافوا باب الشماسية بأجمعهم قد نشروا أعلامهم وتنادوا بشعارهم وتحصنوا بأسلحتهم وبدا الامر منهم لمن عاينهم ليس لهم وعيد دون سفك الدماء وسبى النساء واستباحة الأموال فبدأهم الأولياء بالموعظة فلم يسمعوا وقاتلوهم بالتذكرة فلم يصغوا إليها وبدأوا بالحرب منابذين لها فتسرع الأولياء عند ذلك إليهم واستنصروا الله عليهم واستحكمت بالله ثقتهم ونفذت به بصائرهم فلم تزل الحرب بينهم إلى وقت العصر من هذا اليوم فقتل الله من حماتهم وفرسانهم ورؤسائهم وقادة باطلهم جماعة كثيرة عددها ونالت الجراحة المثخنة التي تأتى على من نالته أكثر عامتهم فلما رأى أعداء الله وأعداء دينه أن قد أكذب ظنونهم وحال بينهم وبين
(٤٥٣)