الوقعة مع المغرب وسخرت البغال وأخذ لها الجواليق لتحمل فيها الرؤس إلى بغداد وكان كل من وافى دار محمد برأس تركي أو مغربي أعطوه خمسين درهما وكان أكثر ذلك العمل للمبيضة والعيارين ثم وافى عيار وبغداد قطربل فانتهبوا ما تركه الأتراك من متاع أهل قطربل وأبواب دورهم فوجه محمد في آخر هذا اليوم أخاه أبا أحمد عبيد الله بن عبد الله والمظفر بن سيسل في أثر المنهزمين حياطة لأهل بغداد لأنه لم يأمن رجعتهم عليه فبلغا القفص وانصرفا سالمين وزعجا من أقام من الرجالة والعيارين بناحية قطربل وأشير على محمد بن عبد الله أن يتبعهم بعسكر في اليوم الثاني وفى تلك الليلة ليوغل في آثارهم فأبى ذلك ولم يتبع موليا ولم يأمر أن يجهز على جريح وقبل أمان من استأمن وأمر سعيد بن حميد فكتب كتابا يذكر فيه هذه الوقعة فقرئ على أهل بغداد في مسجد جامعها نسخته (بسم الله الرحمن الرحيم) أما بعد فالحمد لله المنعم فلا يبلغ أحد شكر نعمته والقادر فلا يعارض في قدرته والعزيز فلا يذل في أمره والحكم العادل فلا يرد حكمه والناصر فلا يكون نصره إلا للحق وأهله والمالك لكل شئ فلا يخرج أحد عن أمره والهادي إلى الرحمة فلا يضل من انقاد لطاعته والمقدم إعذاره ليظاهر به حجته الذي جعل دينه لعباده رحمة وخلافته لدينه عصمة وطاعة خلفائه فرضا واجبا على كافة الأمة فهم المستحفظون في أرضه على ما بعث به رسله وأمناؤه على خلقه فيما دعاهم إليه من دينه والحاملون لهم على منهاج حقه لئلا يتشعب بهم الطريق إلى المخالفة لسبيله والهادي لهم إلى صراطه ليجمعهم على الجادة التي ندب إليها عباده الذين بهم يحمى الدين من الغواة والمخالفين محتجين على الأمم بكتاب الله الذي استعملهم به ودعاة الأمة بحق الله الذي اختارهم له إن جاهدوا كانت حجة الله معهم وإن حاربوا حكم بالنصر لهم وإن بغاهم عدو كانت كفاية الله حائلة دونهم ومعقلا لهم وإن كادهم كائد فالله من وراء عونهم نصبهم الله لاعزاز دينه فمن عاداهم فإنما عادى الدين الذي أعزه وحرسه بهم ومن ناوأهم فإنما طعن على الحق الذي يكلؤه بحراستهم جيوشهم بالنصر والعز منصورة وكتائبهم بسلطان الله من عدوهم
(٤٥٠)