وبال ذلك عليكم وليعرفن ضرره ومكروهه في دولتكم ودعوتكم فاقطعوا أثره قبل أن يقطع آثاركم وضعوا عزه قبل أن يضع عزكم فوالله لا ينصره منكم ناصر إلا خذل ولا يمنعه مانع إلا قتل وما عند الله لاحد هوادة ولا يراقب على الاستخفاف بعهوده والحنث بأيمانه ثم أمر الناس بعبور الجسر فعبروا حتى صاروا إلى سكة باب خراسان واجتمعت الحربية وأهل الأرباض مما يلي باب الشأم وتسرعت خيول من خيول محمد من الاعراب وغيرهم إلى الحسين بن علي فاقتتلوا قتالا شديدا مليا من النهار وأمر الحسين من كان معه من قواده وخاصة أصحابه بالنزول فنزلوا إليهم بالسيوف والرماح وصدقوهم القتال وكشفوهم حتى تفرقوا عن باب الخلد قال فخلع الحسين بن علي محمدا يوم الأحد لاحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة 196 وأخذ البيعة لعبد الله المأمون من غد يوم الاثنين إلى الليل وغدا إلى محمد يوم الثلاثاء فوثب بعد الوقعة التي كانت بين الحسين وبين أصحاب محمد العباس بن موسى بن عيسى الهاشمي على محمد ودخل عليه فأخرجه من قصر الخلد إلى قصر أبى جعفر فحبسه هناك إلى صلاة الظهر ثم وثب العباس بن موسى ابن عيسى على أم جعفر فأمرها بالخروج من قصرها إلى مدينة أبى جعفر فأبت فدعا لها بكرسي وأمرها بالجلوس فيه فقنعها بالسوط وساءها وأغلظ لها القول فجلست فيه ثم أمر بها فأدخلت المدينة مع ابنها وولدها فلما أصبح الناس من الغد طلبوا من الحسين بن علي الأرزاق وماج الناس بعضهم في بعض وقام محمد بن أبي خالد بباب الشأم فقال أيها الناس والله ما أدرى بأي سبب يتأمر الحسين ابن علي علينا ويتولى هذا الامر دوننا ما هو بأكبرنا سنا ولا أكرمنا حسبا ولا أعظمنا منزلة وإن فينا من لا يرضى بالدنية ولا يقاد بالمخادعة وإني أولكم نقض عهده وأظهر التعيير عليه والانكار لفعله فمن كان رأيه رأيي فليعتزل معي وقام أسد الحربي فقال يا معشر الحربية هذا يوم له ما بعده إنكم قد نمتم وطال نومكم وتأخرتم فقدم عليكم غيركم وقد ذهب أقوام بذكر خلع محمد وأسره فاذهبوا بذكر فكه وإطلاقه فأقبل شيخ كبير من أبناء الكفاية على فرس فصاح بالناس
(٣٦)