كان أمسك عن الشر من الأبناء وتفاقم الامر فيما بينهم وقام بأمر الأبناء الحسين ابن علي بن عيسى بن ماهان وأصبح الزواقيل فاجتمعوا بالرقة واجتمع الأبناء وأهل خراسان بالرافقة وقام رجل من أهل حمص فقال يا أهل حمص الهرب أهون من العطب والموت أهون من الذل إنكم بعدتم عن بلادكم وخرجتم من أقاليمكم ترجون الكثرة بعد القلة والعزة بعد الذلة ألا وفى الشر وقعتم وإلى حومة الموت أنختم إن المنايا في شوارب المسودة وقلانسهم النفير النفير قبل أن ينقطع السبيل وينزل الامر الجليل ويفوت المطلب ويعسر المذهب ويبعد العمل ويقترب الاجل وقام رجل من كلب في غرز ناقته ثم قال شؤبوب حرب خاب من يصلاها * قد شرعت فرسانها قناها فأورد الله لظى لظاها * إن غمرت كلب بها لحاها ثم قال يا معشر كلب إنها الراية السوداء والله ما ولت ولا عدلت ولا ذل نصرها ولاضعف وليها وإنكم لتعرفون مواقع سيوف أهل خراسان في رقابكم وآثار أسنتهم في صدوركم اعتزلوا الشر قبل أن يعظم وتخطوه قبل أن يضطرم شأمكم داركم داركم الموت الفلسطيني خير من العيش الجزري ألا وإني راجع فمن أراد الانصراف فلينصرف معي ثم سار وسار معه عامة أهل الشأم وأقبلت الزواقيل حتى أضرموا ما كان التجار جمعوا من الاعلاف بالنار وأقام الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان مع جماعة أهل خراسان والأبناء على باب الرافقة تخوفا لطوق بن مالك فأتى طوقا رجل من بنى تغلب فقال ألا ترى ما لقيت العرب من هؤلاء انهض فإن مثلك لا يقعد عن هذا الامر قد مد أهل الجزيرة أعينهم إليك وأملوا عونك ونصرك فقال والله ما أنا من قيسها ولايمنها ولا كنت في أول هذا الامر لأشهد آخره وإني لاشد إبقاء على قومي وأنظر لعشيرنى من أن أعرضهم للهلاك بسبب هؤلاء السفهاء من الجند وجهال قيس وما أرى السلامة إلا في الاعتزال وأقبل نصر بن شبث في الزواقيل على فرس كميت أغر عليه دراعة سوداء قد ربطها خلف ظهره وفى يده رمح وترس وهو يقول
(٣٤)