فلحقوا بالروم حين قاتلهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب جماعة رئيسهم بارسيس وكان ملك الروم قد فرض لهم وزوجهم وصيرهم مقاتلة يستعين بهم في أهم أموره إليه فلما دخل ملك الروم زبطرة وقتل الرجال الذين فيها وسبى الذراري والنساء التي فيها وأحرقها بلغ النفير فيما ذكر إلى سامرا وخرج أهل ثغور الشأم والجزيرة وأهل الجزيرة إلا من لم يكن عنده دابة ولا سلاح واستعظم المعتصم ذلك فذكر أنه لما انتهى إليه الخبر بذلك صاح في قصره النفير ثم ركب دابته وسمط خلفه شكالا وسكة حديد وحقيبة فلم يستقم له أن يخرج إلا بعد التعبية فجلس فيما ذكر في دار العامة وقد أحضر من أهل مدينة السلام قاضيها عبد الرحمن بن إسحاق وشعيب بن سهل ومعهما ثلثمائة وثمانية وعشرون رجلا من أهل العدالة فأشهدهم على ما وقف من الضياع فجعل ثلثا لولده وثلثا لله وثلثا لمواليه ثم عسكر بغربي دجلة وذلك يوم الاثنين لليلتين خلتا من جمادى الأولى ووجه عجيف بن عنبسة وعمرا الفرغاني ومحمد كوته وجماعة من القواد إلى زبطرة إعانة لأهلها فوجدوا ملك الروم قد انصرف إلى بلاده بعد ما فعل ما قد ذكرناه فوقفوا قليلا حتى تراجع الناس إلى قراهم واطمأنوا فلما ظفر المعتصم ببابك قال أي بلاد الروم أمنع وأحصن فقيل عمورية لم يعرض لها أحد من المسلمين منذ كان الاسلام وهى عين النصرانية وبنكها وهى أشرف عندهم من القسطنطينية (وفى هذه السنة) شخص المعتصم غازيا إلى بلاد الروم وقيل كان شخوصه إليها من سامرا في سنة 224 وقيل في سنة 222 بعد قتله بابك * فذكر أنه تجهز جهازا لم يتجهز مثله قبله خليفة قط من السلاح والعدد والآلة وحياض الأدم والبغال والروايا والقرب وآلة الحديد والنفط وجعل على مقدمته أشناس ويتلوه محمد بن إبراهيم وعلى ميمنته ايتاخ وعلى ميسرته جعفر بن دينار بن عبد الله الخياط وعلى القلب عجيف بن عنبسة ولما دخل بلاد الروم أقام على نهر اللمس وهو على سلوقية قريبا من البحر بينه وبين طرسوس مسيرة يوم وعليه يكون الفداء إذا فودى بين المسلمين والروم وأمضى المعتصم الأفشين حيدر بن كاوس إلى سروج وأمره بالبروز منها والدخول من
(٢٦٤)