وشدوا على المطوعة من الناحية الأخرى فأخذوا منهم علمين وطرحوهم عن السور وجرحوهم بالصخر حتى أثروا فيهم فرقوا عن الحرب ووقفوا وصاح جعفر بأصحابه فبدر منهم نحو من مائة رجل فبركوا خلف تراسهم التي كانت معهم وواقفوهم متحاجزين لا هؤلاء يقدمون على هؤلاء ولا هؤلاء يقدمون على هؤلاء فلم يزالوا كذلك حتى صلى الناس الظهر وكان الأفشين قد حمل عرادات فنصب عرادة منها مما يلي جعفرا على الباب وعرادة أخرى من طرف الوادي من ناحية المطوعة فأما العرادة التي من ناحية جعفر فدافع عنها جعفر حتى صارت العرادة فيما بينهم وبين الخرمية ساعة طويلة ثم تخلصها أصحاب جعفر بعد جهد فعلقوها وردوها إلى العسكر فلم يزل الناس متواقفين متحاجزين يختلف بينهم النشاب والحجارة أولئك على سورهم والباب وهؤلاء قعود تحت أتراسهم ثم تناجز وابعد ذلك فلما نظر الأفشين إلى ذلك كره أن يطمع العدو في الناس فوجه الرجالة الذين كان أعدهم قبله حتى وقفوا في موضع المطوعة وبعث إلى جعفر بكردوس فيه رجالة فقال جعفر لست أوتى من قلة الرجالة معي رجال فرة ولكني لست أرى للحرب موضعا يتقدمون إنما ههنا موضع مجال رجل أو رجلين قد وقفوا عليه وانقطعت الحرب فبعث إليه انصرف على بركة الله فانصرف جعفر وبعث الأفشين بالبغال التي كان جاء بها معه عليها المحامل فجعلت فيها الجرحى ومن كان به وهن من الحجارة ولا يقدر على المشي وأمر الناس بالانصراف فانصرفوا إلى خندقهم بروذ الروذ وأيس الناس من الفتح في تلك السنة وانصرف أكثر المطوعة * ثم إن الأفشين تجهز بعد جمعتين فلما كان في جوف الليل بعث الرجالة الناشبة وهم مقدار ألف رجل فدفع إلى كل واحد منهم شكوة وكعكا ودفع إلى بعضهم أعلاما سودا وغير ذلك وأرسلهم عند مغيب الشمس وبعث معهم أدلاء فساروا ليلتهم في جبال منكرة صعبة على غير الطريق حتى داروا فصاروا خلف التل الذي يقف آذين عليه وهو جبل شاهق وأمرهم ألا يعلم بهم أحد حتى إذا رأوا أعلام الأفشين وصلوا الغداة ورأوا الوقعة ركبوا تلك الاعلام في الرماح وضربوا الطبول وانحدروا
(٢٥١)