العساكر وكان موضع الطريق جبلا ليس فيه ماء فلم يقدر العسكر أن يقيم على الطريق لبعده عن الماء فتنحى العسكر عن الطريق إلى قرب الماء وصيروا كوهبانيين وفارسين على طرف الطريق يحرسونه والعسكر بينه وبين الطريق نحو من ميل ونصف كان ينوب على الطريق كل يوم فارسان وكوهبانيان فبينا هم ذات يوم نصف النهار إذ خرج بابك وأصحابه فلم يروا أحدا ولم يروا الفارسين والكوهبانيين وظنوا أن ليس هناك عسكر فخرج هو وأخواه عبد الله ومعاوية وأمه وامرأة له يقال لها ابنة الكلندانية فخرجوا من الطريق وساروا يريدون أرمينية ونظر إليهم الفارسان والكوهبانيان فوجهوا إلى العسكر وعليه أبو الساج انا قد رأينا فرسانا يمرون ولا ندري من هم فركب الناس وساروا فنظروا إليهم من بعد وقد نزلوا على عين ماء يتغدون عليها فلما نظروا إلى الناس بادر الكافر فركب وركب من كان معه فأفلت وأخذ معاوية وأم بابك والمرأة التي كانت معه ومع بابك غلام له فوجه أبو الساج بمعاوية والمرأتين إلى العسكر ومر بابك متوجها حتى دخل جبال أرمينية يسير في الجبال متكمنا فاحتاج إلى طعام وكان جميع بطارقة أرمينية قد تحفظوا بنواحيهم وأطرافهم وأوصوا مسالحهم ألا يجتاز عليهم أحد إلا أخذوه حتى يعرفوه فكان أصحاب المسالح كلهم متحفظين وأصاب بابك الجوع فأشرف فإذا هو بحراث يحرث على فدان له في بعض الأودية فقال لغلامه انزل إلى هذا الحراث وخذ معك دنانير ودراهم فإن كان معه خبز فخذه وأعطه وكان للحراث شريك ذهب لحاجته فنزل الغلام إلى الحراث فنظر إليه شريكه من بعيد فوقف بالبعد يفرق من أن يجئ إلى شريكه وهو ينظر ما يصنع شريكه فدفع الغلام إلى الحراث شيئا فجاء الحراث فأخذ الخبز فدفعه إلى الغلام وشريكه قائم ينظر إليه ويظن أنما اغتصبه خبزه ولم يظن أنه أعطاه شيئا فعدا إلى المسلحة فأعلمهم أن رجلا جاءهم عليه سيف وسلاح وأنه أخذ خبز شريكه من الوادي فركب صاحب المسلحة وكان في جبال ابن سنباط ووجه إلى سهل بن سنباط بالخبر فركب ابن سنباط وجماعة معه حتى جاء مسرعا فوافى الحراث والغلام
(٢٥٦)