لولا مجلس الأمير لعرفتك نفسك الساعة فصاح بهما الأفشين فأمسكا وأمر أبا دلف أن يرد المطوعة عن السور فقال أبو دلف للمطوعة انصرفوا فجاء رجل منهم ومعه صخرة فقال أتردنا وهذا الحجر أخذته من السور فقال له الساعة إذا انصرفت تدرى من على طريقك جالس يعنى العسكر الذي وثب على بخاراخذاه من وراء الناس ثم قال الأفشين لأبي سعيد في وجه جعفر أحسن الله جزاءك عن نفسك وعن أمير المؤمنين فإني ما علمتك عالما بأمر هذه العساكر وسياستها ليس كل من حف رأسه يقول إن الوقوف في الموضع الذي يحتاج إليه خير من المحاربة في الموضع الذي لا يحتاج إليه لو وثب هؤلاء الذين تحتك وأشار إلى الكمين الذي تحت الجبل كيف كنت ترى هؤلاء المطوعة الذين لهم في القمص أي شئ كان يكون حالهم ومن كان يجمعهم الحمد لله الذي سلمهم فقف ههنا فلا تبرح حتى لا يبقى ههنا أحد وانصرف الأفشين وكان من سنته إذا بدأ بالانصراف ينحدر علم الكراديس وفرسانه ورجالته والكردوس الآخر واقف بينه وبينه قدر رمية سهم لا يدنو من العقبة ولا من المضيق حتى يرى أنه قد عبر كل من في الكردوس الذي بين يديه وخلا به الطريق ثم يدنو بعد ذلك فينحدر في الكروس الآخر بفرسانه ورجالته ولا يزال كذلك وقد عرف كل كردوس من خلف من ينصرف فلم يكن يتقدم أحد منهم بين يدي صاحبه ولا يتأخر هكذا حتى إذا نفذت الكراديس كلها ولم يبق أحد غير بخاراخذاه انحدر بخاراخذاه وخلى العقبة فانصرف ذلك اليوم على هذه الهيئة وكان أبو سعيد آخر من انصرف وكلما مر العسكر بموضع بخاراخذاه ونظروا إلى الموضع الذي كان فيه الكمين علموا ما كان وطئ لهم وتفرق أولئك الأعلاج الذين أرادوا أخذ الموضع الذي كان بخاراخذاه يحفظه ورجعوا إلى مواضعهم فأقام الأفشين في خندقه بروذ الروذ أياما فشكا إليه المطوعة الضيق في العلوفة والأزواد والنفقات فقال لهم من صبر منكم فليصبر ومن لم يصبر فالطريق واسع فلينصرف بسلام معي جند أمير المؤمنين ومن هو في أرزاقة يقيمون معي في الحر والبرد ولست أبرح من ههنا حتى يسقط الثلج فانصرف المطوعة وهم
(٢٤٨)