بغداد إلى المأمون وذي الرئاستين أما بعد فانى وافيت البلدة وقد أعلن خليطك بتنكيره وقدم علما من اعتراضه ومفارقته بحضرته ودفعت كتبك فوجدت أكثر الناس ولاة السريرة ونقاة العلانية ووجدت المستمالين بالرغبة لا يحوطون إلا عنها ولا ينالون ما احتملوا فيها والمنازع مختلج الرأي لا يجد دافعا منه عن همه ولا راغبا في عامه والمحلون بأنفسهم تحلون تمام الحدث ليسلموا من منهزم حدثهم والقوم على جد ولا تجعلوا للتوادى إن شاء الله والسلام قال ولما قدم على محمد من معسكر المأمون سعيد بن مالك بن قادم وعبد الله بن حميد بن قحطبة والعباس ابن الليث مولى أمير المؤمنين ومنصور بن أبي مطر وكثير بن قادرة فألطفهم وقربهم وأمر لمن كان قبض منهم الستة الأشعر برزق اثنى عشر شهرا وزادهم في الخاصة والعامة ولمن يقبضها بثمانية عشر شهرا قال ولما عزم محمد على خلع المأمون دعا يحيى بن سليم فشاوره في ذلك فقال يحيى يا أمير المؤمنين كيف بذلك لك مع ما قد وكد الرشيد من بيعته وتوثق بها من عهده والاخذ للايمان والشرائط في الكتاب الذي كتبه فقال له محمد إن رأى الرشيد كان فلتة شبهها عليه جعفر بن يحيى بسحره واستماله برقاه وعقده فغرس لنا غرسا مكروها لا ينفعنا ما نحن فيه معه إلا بقطعه ولا يستقيم لنا الأمور إلا باجتثاثه والراحة منه فقال أما إذا كان رأى أمير المؤمنين خلعه فلا تجاهره مجاهرة فيستنكرها الناس ويستشنعها العامة ولكن تستدعى الجند بعد الجند والقائد بعد القائد وتؤنسه بالألطاف والهدايا وتفرق ثقاته ومن معه وترغبهم بالأموال وتستميلهم بالاطماع فإذا أو هنت قوته واستفرغت رجاله أمرته بالقدوم عليك فان قدم صار إلى الذي تريد منه وإن أبى كنت قد تناولته وقد كل حده وهيض جناحه وضعف ركنه وانقطع عزه فقال محمد ما أقطع أمرا كصريمة أنت مهذار خطيب ولست بذى رأى فزل عن هذا الرأي إلى الشيخ الموفق والوزير الناصح قم فالحق بمدادك وأقلامك فقال يشوبه صدق ونصيحة وأشرت إلى رأى يخلطه غش وجهل قال فوالله ما ذهبت الأيام حتى ذكر كلامه وفر عنه بخطئه وحرفه وقال سهل بن هارون
(٥٦١)