وأبطلهما وكان محمد فيما ذكر كتب إلى المأمون قبل مكاشفة المأمون إياه بالخلاف عليه يسأله أن يتجافى له عن كور من كور خراسان سماها وأن يوجه العمال إليها من قبل محمد وأن يحتمل توجيه رجل من قبله يوليه البريد عليه ليكتب إليه بخبره فلما ورد إلى المأمون الكتاب بذلك كبر ذلك عليه واشتد فبعث إلى الفضل بن سهل وإلى أخيه الحسن فشاورهما في ذلك فقال الفضل الامر مخطر لك من شيعتك وأهل بيتك بطانة ولهم تأنيس بالمشاورة وفى قطع الامر دونهم وحشة وظهور قلة ثقة فرأى الأمير في ذلك وقال الحسن كان يقال شاور في طلب الرأي من تثق بنصيحته وتألف العدو فيما لا اكتتام له بمشاورته فأحضر المأمون الخاصة من الرؤساء والاعلام وقرأ عليهم الكتاب فقالوا جميعا له أيها الأمير تشاور في مخطر فاجعل لبديهتنا حظا من الروية فقال المأمون ذلك هو الحزم وأجلهم ثلاثا فلما اجتمعوا بعد ذلك قال أحدهم أيها الأمير قد حلمت على كرهين ولست أرى خطأ مدافعة بمكروه أو لهما مخافة مكروه آخرهما وقال آخر كان يقال أيها الأمير أسعدك الله إذا كان الامر مخطرا فاعطاؤك من نازعك طرفا من بغيته أمثل من أن تصير بالمنع إلى مكاشفته وقال آخر إنه كان يقال إذا كان علم الأمور مغيبا عنك فخذ ما أمكنك من هدية يومك فإنك لا تأمن أن يكون فساد يومك راجعا بفساد غدك وقال آخر لئن خفت للبذل عاقبة إن أشهد منها لما يبعث إلا نأمن الفرقة وقال آخر لا أرى مفارقة منزلة سلامة فلعلي أعطى معها العافية فقال الحسن فقد وجب حقكم باجتهادكم وإن كنت من الرأي على مخالفتكم قال المأمون فناظرهم قال لذلك ما كان الاجتماع وأقبل الحسن عليهم فقال هل تعلمون أن محمدا تجاوز إلى طلب شئ ليس له بحق قالوا نعم ويحتمل ذلك لمن نخاف من ضرر منعه قال تثقون بكفه بعد إعطائه إياها فلا يتجاوز الطلب إلى غيرها قالوا لا ولعل سلامة تقع من دون ما تخاف وتتوقع قال فان تجاور بعدها بالمسألة أفما ترونه قد توهن بما بذل منها في نفسه قالوا ندفع ما يعرض له في عاقبه بمدافعة ما تنجزون في عاجله قال فهذا خلاف ما سمعناه من قول الحكماء قبلنا قالوا استصلح عاقبة أمرك باحتمال
(٥٥٥)