بأمر هذا الرجل يعنى الرشيد وقد ظننت أن ذلك لسابق سبق في نفسي منه فأردت أن أعتبر ذلك بغير فكنت أنت فارمق ذلك في يومك هذا وأعلمني ما ترى منه قال ففعلت ذلك في يومى فلما نهض الرشيد من مجلسه كنت أول أصحابه نهض عنه حتى صرت إلى شجر في طريقي فدخلتها ومن معي وأمرتهم بإطفاء الشمع وأقبل الندماء يمرون بي واحدا واحدا فأراهم ولا يروني حتى إذا لم يبق منهم أحد إذا أنا بجعفر قد طلع فلما جاوز الشجر قال اخرج يا حبيبي قال فخرجت فقال ما عندك فقلت حتى تعلمني كيف علمت أنى ههنا قال عرفت عنايتك بما أعنى به وإنك لم تكن لتنصرف أو تعلمني ما رأيت منه وعلمت أنك تكره أن ترى واقفا في مثل هذا الوقت وليس في طريقك موضع أستر من هذا الموضع فقضيت بأنك فيه قلت نعم قال فهات ما عندك قلت رأيت الرجل يهزل إذا جددت ويجد إذا هزلت قال كذا هو عندي فانصرف يا حبيبي قال فانصرفت قال وحدثني علي بن سليمان أنه سمع جعفر بن يحيى يوما يقول ليس لدارنا هذه عيب إلا أن صاحبها فيها قليل البقاء يعنى نفسه وذكر عن موسى بن يحيى قال خرج أبى إلى الطواف في السنة التي أصيب فيها وأنا معه من بين ولده فجعل يتعلق بأستار الكعبة ويردد الدعاء ويقول اللهم ذنوبي جمة عظيمة لا يحصيها غيرك ولا يعرفها سواك اللهم ان كنت تعاقبني فاجعل عقوبتي في الدنيا وإن أحاط ذلك بسمعي وبصرى ومالي وولدي حتى تبلغ رضاك ولا تجعل عقوبتي في الآخرة قال وحدثني أحمد بن الحسن بن حرب قال رأيت يحيى وقد قابل البيت وتعلق بأستار الكعبة وهو يقول اللهم إن كان رضاك في أن تسلبني نعمتك عندي فاسلبني اللهم إن كان رضاك في أن تسلبني أهلي وولدي فاسلبني اللهم إلا الفضل قال ثم ولى ليمضى فلما قرب من باب المسجد كر مسرعا ففعل مثل ذلك وجعل يقول اللهم إنه سمج بمثلي أن يرغب إليك ثم يستثنى عليك اللهم والفضل قال فلما انصرفوا من الحج نزلوا الأنبار ونزل الرشيد بالعمر ومعه وليا العهد الأمين والمأمون ونزل الفضل مع الأمين وجعفر مع المأمون ويحيى في منزل خالد بن عيسى كاتبه ومحمد بن يحيى في منزل ابن نوح صاحب
(٤٨٨)