وما أنت وهذا لا أم لك فلعل ذلك عن أمرى فانكسر الفضل وجاءه جعفر فدعا بالغداء فأكلا وجعل يلقمه ويحادثه إلى أن كان آخر ما دار بينهما أن قال ما فعل يحيى بن عبد الله قال بحاله يا أمير المؤمنين في الحبس الضيق والأكبال قال بحياتي فأحجم جعفر وكان من أدق الخلق ذهنا وأصحهم فكرا فهجس في نفسه انه قد علم بشئ من أمره فقال لا وحياتك يا سيدي ولكن أطلقته وعلمت أنه لا حياة به ولا مكروه عنده قال نعم ما فعلت ما عدوت ما كان في نفسي فلما خرج أتبعه بصره حتى كاد أن يتوارى عن وجهه ثم قال قتلني الله بسيف الهدى على عمل الضلالة إن لم أقتلك فكان من أمره ما كان وحدث إدريس بن بدر قال عرض رجل للرشيد وهو يناظر يحيى فقال يا أمير المؤمنين نصيحة فادع بي إليك فقال لهرثمة خذ الرجل إليك وسله عن نصيحته هذه فسأله فأبى أن يخبره وقال هي سر من أسرار الخليفة فأخبر هرثمة الرشيد بقوله قال فقل له لا يبرح الباب حتى أفرغ له قال فلما كان في الهاجرة انصرف من كان عنده ودعا به فقال أحلني فالتفت هارون إلى بنيه فقال انصرفوا يا فتيان فوثبوا وبقى خاقان وحسين على رأسه فنظر إليهما الرجل فقال الرشيد تنحيا عنى ففعلا ثم أقبل على الرجل فقال هات ما عندك فقال على أن تؤمنني قال على أن أؤمنك وأحسن إليك قال كنت بحلوان في خان من خاناتها فإذا أنا بيحيى بن عبد الله في دراعة صوف غليظة وكساء صوف أخضر غليظ وإذا معه جماعة ينزلون إذا نزل ويرحلون إذا رحل ويكونون منه بصدد يوهمون من رآهم انهم لا يعرفونه وهم من أعوانه ومع كل واحد منهم منشور يأمن به إن عرض له قال أو تعرف يحيى بن عبد الله قال أعرفه قديما وذلك الذي حقق معرفتي به بالأمس قال فصفه لي قال مربوع أسمر رقيق السمرة أجلح حسن العينين عظيم البطن قال صدقت هو ذاك قال فما سمعته يقول قال ما سمعته يقول شيئا غير إني رأيته يصلى ورأيت غلاما من غلمانه أعرفه قديما جالسا على باب الخان فلما فرغ من صلاته أتاه بثوب غسيل فألقاه في عنقه ونزع جبة الصوف فلما كان بعد الزوال صلى صلاة ظننتها العصر وأنا أرمقه أطال
(٤٨٦)