ذكر الخبر عن سبب غضبه عليه وما أوجب حبسه ذكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل ان عبد الملك بن صالح كان له ابن يقال له عبد الرحمن كان من رجال الناس وكان عبد الملك يكنى به وكان لابنه عبد الرحمن لسان على فأفأة فيه فنصب لأبيه عبد الملك وقمامة فسعيا به إلى الرشيد وقالا له انه يطلب الخلافة ويطمع فيها فأخذه وحبسه عند الفضل بن الربيع فذكر أن عبد الملك ابن صالح أدخل على الرشيد حين سخط عليه فقال له الرشيد أكفرا بالنعمة وجحودا لجليل المنة والتكرمة فقال يا أمير المؤمنين لقد بؤت إذا بالندم وتعرضت لاستحلال النقم وما ذاك إلا بغى حاسد نافسني فيك مودة القرابة وتقديم الولاية إنك يا أمير المؤمنين خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته وأمينه على عترته لك عليها فرض الطاعة وأداء النصيحة ولها عليك العدل في حكمها والتثبت في حادثها والغفران لذنوبها فقال له الرشيد أتضع لي من لسانك وترفع لي من جنانك هذا كاتبك قمامة يخبر بغلك وفساد نيتك فاسمع كلامه فقال عبد الملك أعطاك ما ليس في عقدة ولعله لا يقدر أن يعضهن ولا يبهتني بما لم يعرفه منى وأحضر قمامة فقال له الرشيد تكلم غير هائب ولا خائف قال أقول إنه عازم على الغدر بك والخلاف عليك فقال عبد الملك أهو كذاك يا قمامة قال قمامة نعم لقد أردت ختل أمير المؤمنين فقال عبد الملك كيف لا يكذب على من خلفي وهو يبهتني في وجهي فقال له الرشيد وهذا ابنك عبد الرحمن يخبرني بعتوك وفساد نيتك ولو أردت أن أحتج عليك بحجة لم أجد أعدل من هذين لك فبم تدفعهما عنك فقال عبد الملك بن صالح هو مأمور أو عاق مجبور فإن كان مأمورا فمعذور وإن كان عاقا ففاجر كفور أخبر الله عز وجل بعداوته وحذر منه بقوله (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم * قال فنهض الرشيد وهو يقول أما أمرك فقد وضح ولكني لا أعجل حتى أعلم الذي يرضى الله فيك فإنه الحكم بيني وبينك فقال عبد الملك رضيت بالله حكما وبأمير المؤمنين حاكما فانى أعلم أنه يؤثر كتاب الله على هواه وأمر الله على رضاه قال فلما كان بعد ذلك
(٤٩٧)