بالستور فرفعت وبالأبواب ففتحت فدخل الناس على بكرة أبيهم فلم يزل ينظر في المظالم إلى الليل فلما تقوض المجلس مثلت بين يديه فقال كأنك تريد أن تذكر شيئا يا علي قلت نعم يا أمير المؤمنين كلمتني بكلام لم أسمعه قبل يومى هذا وخفت مراجعتك فتقول أتحجبني وأنت لم تعلم كلامي فبعثت إلى أعرابي كان عندنا ففسر لي الكلام فكافئه عنى يا أمير المؤمنين قال نعم مائة ألف درهم تحمل إليه فقلت له يا أمير المؤمنين إنه أعرابي جلف وفى عشرة آلاف درهم ما أغناه وكفاه فقال ويلك يا علي أجود وتبخل قال وحدثني علي بن صالح قال ركب الهادي يوما يريد عيادة أمه الخيزران من علة كانت وجدتها فاعترضه عمر بن بزيع فقال له يا أمير المؤمنين ألا أدلك على وجه هو أعود عليك من هذا فقال وما هو يا عمر قال المظالم لم تنظر فيها منذ ثلاث قال فأومأ إلى المطرقة أن يميلوا إلى دار المظالم ثم بعث إلى الخيزران بخادم من خدمه يعتذر إليها من تخلفه وقال قل لها إن عمر بن بزيع أخبرنا من حق الله بما هو أوجب علينا من حقك فملنا إليه ونحن عائدون إليك في غد إن شاء الله * وذكر عن عبد الله بن مالك أنه قال كنت أتولى الشرطة للمهدى وكان المهدى يبعث إلى ندماء الهادي ومغنيه ويأمرني بضربهم وكان الهادي يسألني الرفق بهم والترفيه لهم ولا ألتفت إلى ذلك وأمضى لما أمرني به المهدى قال فلما ولى الهادي الخلافة أيقنت بالتلف فبعث إلى يوما فدخلت عليه متكفنا متحنطا وإذا هو على كرسي والسيف والنطع بين يديه فسلمت فقال لا سلم الله على الآخر تذكر يوم بعثت إليك في أمر الحراني وما أمر أمير المؤمنين به من ضربه وحبسه فلم تجبني وفى فلان وفلان فجعل يعدد ندماءه فلم تلتفت إلى قولي ولا أمرى قلت نعم يا أمير المؤمنين أفتأذن في استيفاء الحجة قال نعم قلت ناشدتك بالله يا أمير المؤمنين أيسرك أنك وليتني ما ولاني أبوك فأمرتني بأمر فبعث إلى بعض بنيك بأمر يخالف به أمرك فاتبعت أمره وعصيت أمرك قال لا قلت فكذلك أنا لك وكذا كنت لأبيك فاستدناني فقبلت يديه فأمر بخلع فصبت على وقال قد وليتك ما كنت تتولاه فامض راشدا فخرجت من عنده
(٤٣٠)