وينقسم البيع باعتبار وجودهما في كل من الثمن. والمثمن، والتفريق، إلى أربعة أقسام، فالأول النقد، والثاني الكالي بالكالي، اسم فاعل أو مفعول من المراقبة، لمراقبة كل من الغريمين صاحبه لأجل دينه، ومع حلول المثمن وتأجيل الثمن، النسيئة، وبالعكس، السلف، وكلها صحيحة، عدا الثاني، فقد ورد النهي عنه بلفظ " بيع الدين بالدين " وانعقد الاجماع بقسميه على فساده كما ستعرفه انشاء الله تعالى في محله.
وكيف كان ف (من ابتاع شيئا مطلقا) من دون تقييد بالتأجيل للثمن وخلافه (أو اشترط) عليه (التعجيل) منه (كان الثمن حالا) وكذا المثمن، أما الاطلاق فللانصراف عرفا وقال الصادق عليه السلام في الموثق (2) " في رجل اشترى جارية بثمن مسمى ثم افترقا: وجب البيع والثمن إذا لم يكونا شرطا فهو نقد " ومنه يعلم حينئذ ما ذكره بعضهم وغيره من أن اشتراط التعجيل مؤكد، بل في الروضة أنه المشهور، وفي الدروس " وأفاد التسلط على الفسخ إذا عين زمان النقد فأخل المشتري به مثلا " واحتمل في المسالك قويا ذلك مع الاطلاق أيضا، وفي الروضة " لو قيل بثبوت الخيار مع الاطلاق أيضا لو أخل به عن أول وقته كان حسنا ".
قلت: قد يمنع أولا التأكيد بناء على أن الاطلاق يفيد استحقاق المطالبة في كل وقت، كما هو مقتضى الحلول في كل دين، أما وجوب الدفع فعلى المطالبة فعلا، وحينئذ فاشتراط التعجيل يفيد وجوب الدفع بدونها، فهو أمر غير ما يقتضيه العقد، اللهم إلا أن يمنع ذلك ويقال: باقتضاء العقد التقابض من دون مطالبة كما تعرفه انشاء الله في النظر الثالث. وثانيا قد يناقش في صحة الشرط باعتبار تعدد أفراد التعجيل واختلافها، فلا يصح مع الشرط عدم التعيين للجهالة، وعلى تقدير الصحة، فدعوى التسلط على الخيار بالاخلال به في أول وقته يمكن منعها، لعدم صدق الاخلال بالشرط حتى تنتفى ساير الأفراد، نحو التكليف بالمطلق.