محل البحث بما إذا كان في الذمة، وإن كان قد يناقش فيه بأعمية ذلك من المطلوب، إذ يمكن فرضه في الذمة مع وقوع الاختلاف في تعيينه، بحيث يتعين التحالف فيه، وبأنه يمكن فرضه في المعين أيضا مع فرض الاختلاف في القدر، كما لو قال بعتك بهذين الدينارين أو الثوبين مثلا، فقال: بل بأحدهما معينا، فإن الحكم فيه كالذمة في جريان ما سمعت ومنه يظهر رجوع تفصيل المختلف إلى ما في التذكرة كما عرفت فلاحظ وتأمل، لكن الانصاف أن المتجه في هذا الفرض ما تقتضيه الأصول، لبعد اندراجه في المنساق من النص والفتوى، كما أن المنساق منهما أيضا اعتبار قيام العين في يد المشتري في تقديم قول البايع، فلو انتقلت عنه انتقالا لازما كالعتق والبيع والوقف ونحوها، لم يكن القول قوله، ضرورة كون المفهوم حينئذ بناء على ما ذكرنا عدم اعتبار قوله إذا لم تكن العين قائمة في يد المشتري، فيندرج فيه الفرض لذلك، لا لأن الانتقال اللازم تلف حكمي، حتى يرد عليه منع كونه كذلك، وإن من الجائز كون العلة، التلف الحقيقي الذي يمتنع معه الرجوع إلى العين في اعتبار ما يدعيه، من أن الحكم إنما تعلق في تقديم قول البايع على قيام العين من غير اعتبار بالعلة، وهو متحقق مع انتقالها عن ملكه بأي وجه فرض.
لكن قد عرفت اندفاع ذلك كله، بناء على ما ذكرنا، بل منه يظهر الحال في غير اللازم من الانتقال كالبيع في زمن الخيار ونحوه نعم لو كان قد فسخ قبل التنازع اتجه حينئذ تقديم قول البايع، لصدق القيام في يده، أما مع عدمه فالمتجه ما ذكرناه اقتصارا على المتيقن فيما خالف الأصل، ولذا كان المتجه كما في المسالك فيما لو تلف بعض المبيع تنزيله منزلة تلف المجموع، لا بقاؤه، ولا إلحاق كل جزء بأصله، ويؤيده عدم صدق قيام عين المبيع الذي هو مناط تقديم قول البايع.
ولو امتزج المبيع بغيره فإن بقي التميز، فعينه قائمة، وإن لم يتميز ففي المسالك احتمل بقاؤه كذلك لأنه موجود في نفسه، وإنما عرض له عدم التميز من