بعد تعذر حصول الافتراق الاختياري بين البيعين، كما عرفته مفصلا فيما لو أكره أحدهما على الافتراق، وأنه لا يسقط خيار المكره والآخر أيضا وإن فارقه اختيارا. فلاحظ وتأمل، فلا حاجة حينئذ إلى اعتبار تفرق الوارث، وأنه على تقديره لو فارق أحد الورثة لم يؤثر، لعدم صدق افتراق المتبايعين، نظرا إلى قيام الجميع مقام الموروث، مع احتماله أيضا نظرا إلى ثبوت الخيار لكل من الوارث على جهة الاستقلال، فافتراقه يؤثر في سقوط خياره، إلا أنه لو فسخ الآخر مضى عليه، كما لو تعدد ذو الخيار، ولا ينزل على حصته لعدم إشاعة حق الخيار في العين، ولذا لم يجز للمورث أن يفسخ في البعض، وليس للوارث، إلا ما كان للمورث.
ومن ذلك يتضح لك الحال في كل خيار ورثه متعددون، وأنه يقدم الفاسخ منهم على الملزم، لأنه لما علم عدم قابلية الخيار للتوزيع في نفسه - ضرورة عدم معقولية نصف الخيار وربعه مثلا، وعدم تبعيته أيضا قسمة العين، لما عرفت من عدم الإشاعة، وكان يمكن إبقاء النبوي وغيره مما دل على انتقال الحق كان لكل واحد من ورثته على ظاهره لتعقل تعدد من لهم الخيار، بخلاف المال الذي لا بد من تنزيل نحو ذلك فيه على إرادة الاشتراك، لعدم تعدد الملاك شرعا لمال واحد بخلاف محل البحث - اتجه القول بثبوته حينئذ لكل واحد منهم، وأنه يقدح الفاسخ منهم على الملزم، كذوي الخيار فتأمل جيدا فإنه دقيق.
ثم لا يخفى أنه لا فرق في إرث الخيار بين حصوله فعلا للميت، وبين حصول سببه، فينتقل خيار التأخير، وإن مات البايع في الثلاثة، كخيار رد الثمن وخيار الشرط بعد شهر مثلا ونحو ذلك، إذ هو حق أيضا ينتقل بالإرث كخيار المؤامرة، فإذا مات المستأمر بالكسر انتقل حقه لورثته، أما المستأمر بالفتح فالظاهر عدمه، لظهور إرادة المباشرة من اشتراط استيماره، ولأنه لا حق له عند التأمل، إذ لزوم العقد عند أمره بالالتزام لأصالة اللزوم في العقد، ولا يجب اتباع أمره بالفسخ، وإن كان للمستأمر بالكسر الفسخ