وأقوى ما يحتمل فيه أن مجرد طرو الشك في القسم الأول مفسد وإن غلبه الظن بخلافه في الأخيرتين، فإنه يعمل بالاحتياط إن لم يغلب الظن، وإن غلب بنى عليه، فتأمل جيدا، فحينئذ ينعدم الخلاف في المسألة على الوجه المذكور في كلام الأصحاب، نعم قد ينقدح خلاف آخر وهو ما أشرنا إليه.
وكيف كان فأقوى ما يستدل به له على تقدير الخلاف الأصل في وجه تقدم سابقا، والأخبار (1) الكثيرة الظاهرة في وجوب تحصيل اليقين باحرازهما، والأصل مقطوع بما سمعت، والأخبار معارضة بما عرفت، على أن في كثير منها تعليق البطلان على الشك القاضي بانتفائه عند انتفائه، ويتحقق الانتفاء حيث يحصل الظن بناء على ما عرفت من تفسير الشك، فلا بأس حينئذ أن يراد بالحفظ والسلامة والدراية ونحوها ما يشمل الظن، ودعوى أن ما تقدم سابقا مما دل على اعتبار الظن مطلق أو عام فيتخصص بما دل على اعتبار اليقين في الأولتين يدفعها - مع أن التعارض في بعضها بالعموم من وجه، والترجيح في جانب ما دل على الظن قطعا، لما عرفت من فتوى المشهور والاجماع المنقول المعتضد بالنسبة إلى الأصحاب، ونفي الخلاف من غير ابن إدريس كما عرفت، وغير ذلك مما تقدم، بل وغيره من أصالة الصحة والنهي عن إبطال العمل (2) وعن تعود الخبيث (3) ونحو ذلك - أنه لا مقاومة له من وجوه، بل بعض ما تقدم خاص أقوى من هذا الخاص من وجوه، فلا ريب حينئذ أن الأقوى المشهور من العمل على الظن مطلقا فرضا أو نفلا مصححا أو مبطلا في الأولتين وغيرهما.