نعم ظاهر النصوص وبعض الفتاوى وقوع الشك بعد كمال مسمى الركعة، إذ هو الظاهر من قوله (عليه السلام): (ثلاثا صليت أم أربعا) ضرورة إرادة أنه لم يدركون الذي وقع منه ثلاثا أم أربعا، فلا يشملان ما لو وقع الشك في ذلك حال القيام مثلا كما في المقام، إذ مرجعه أنه لم يدركون الذي في يده ثالثة أو رابعة، لا أن ما فعله ثلاث أو أربع.
وكشف الحال أن يقال: إن الشك بين الأقل والأكثر له صورتان: الأولى أن يشك في أنه أتى بالأقل تاما أو بالأكثر كذلك، كما لو شك في أنه صلى ركعتين أو ثلاثا، فهو حينئذ جازم بالركعتين التامتين شاك في الثالثة، وهكذا في غيره، وكون ذات الأقل مقطوعا به لا ينافيه الشك فيه باعتبار وصف القلة بمعنى الاتيان به وحده، وهذه الصورة هي مورد غالب النصوص والفتاوى في صور الشك المعروفة.
الثانية أن يشك أنه في الأقل أو الأكثر كأن يشك أنه في الثانية أو الثالثة، أو في الثالثة أو الرابعة، أو في الرابعة أو الخامسة، والشك في هذه الصورة لا يقتضي القطع بالأقل بمعنى كونه فيه، لاحتمال كونه في الأكثر، ولا بوقوع الأقل منه تاما، لاحتمال كونه فيه، لكنه يقتضي القطع بمتلو الأقل، وهو العدد المتصل به من جهة النزول، فلو قال: لا أدري في ثانية أنا أو في ثالثة كان قاطعا بالركعة الواحدة شاكا بينها وبين الثنتين، ولو قال: لا أدري في ثالثة أو رابعة فهو محرز للثنتين شاك بينهما وبين الثلاث، ولو قال: في رابعة أو خامسة فهو قاطع بالثلاث شاك بينها وبين الأربع، فهذه الصورة ترجع إلى الأولى بعود كل منها إلى المرتبة النازلة عن نظيرها من السابقة، ويستفاد حكمها منها إذا اختص الدليل بها، فتبطل الصلاة في الأولى، لكونه شكا بين الواحدة والثنتين، وتصح في الثانية، ضرورة أنه يرجع إلى الشك فيما وقع منه قبل هذا القيام الذي هو فيه المتردد بين كونه ثالثة أو رابعة بين الاثنتين والثلاث،