لكن هل المراد بأول ما ترى فيه من الآيات أو الصفحة؟ وجهان، حقيقة اللفظ تقتضي الثاني، والمناسب لتعرف الاستخارة الأول، وهو الذي اختاره بعض مشايخنا مدعيا أنه صريح الخبر المزبور، وناقلا له عن تصريح البعض، إلا أن الخبر كما سمعت، ولم نعثر على ذلك البعض، بل في الذكرى وعن الموجز الحاوي التعبير بما في النص، نعم قد يقال إن الظاهر عدم العبرة بالمقام والسوق، بل المدار على ما يتبادر من لفظ الآية كما صرح به بعض مشايخنا، فلو أنه وقع نظره على قوله عز وجل (1): (إنك لأنت الحليم الرشيد) - كما وقع لبعض حيث استخار على المهاجرة لطلب العلم فوقع نظرة على هذه الآية الكريمة فهاجر فوفق لما أراد وبلغ المراد قلنا له: استخارتك حسنة جيدة ولا نعتبر المقام، لأنه كان مقام استهزاء، فنقول: هي غير جيدة، لكن ملاحظة المقام إنما هي للعارف الخريت الماهر، فإنه إذا لاحظها ظهر له من ذلك الأسرار الغريبة، وقد يقال إنه لما لم يعلم المراد بالأول في الخبر المزبور الآيات أو الكلمات، وعلى الأول فهل المدار على أول آية في صفحة النظر أو على أول الآية من الصفحة السابقة على صفحة النظر، إذ الفرض كون محل النظر بعض الآية في هذه الصفحة والبعض الآخر في الصفحة السابقة، ولم يعلم أيضا اعتبار المقام والسوق وعدمه، ولم نقف على خبر غير الخبر المزبور، كان المتجه الاقتصار في الجيدة والردية على الجامعة لجميع ذلك، وإلا جدد الاستخارة به بعد التوسل والدعاء في أن يريه الله رشده صريحا، لأنه لم يوفق له في الرأي في الاستخارة الأولى، هذا.
وربما أشكل أصل الاستخارة بالمصحف بما روي (2) في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (لا تتفأل بالقرآن) وأجيب بأنه إن صح الخبر أمكن التوفيق