وجعلها هيئة مبتدعة ونوى التقرب بها لا أنه نوى القربة بالواقع وقارنه اعتقاد أن الواقع ذلك، فإنه قد يحكم بالبطلان معه، لكن موضوع الدليل أعم من ذلك نصا وفتوى.
والله أعلم بحقيقة الحال.
كل ذلك مع قصور ما ذكر دليلا للندب، بل بعضه على المطلوب أدل كما ستعرف، إذ هو الأصل الذي لا يجري في العبادة في وجه، ومقطوع ببعض ما عرفت وصحيح ابن مسلم (1) عن الصادق (عليه السلام) " إذا استويت جالسا فقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف " وهو - مع أنه مطلق يحكم عليه ما دل على وجوب التسليم كالصلاتين - ظاهر الجملة الخبرية فيه التكليف بالانصراف المشعر بعدم حصوله بمجرد الفراغ من القول المزبور، وإلا لناسب التعبير بانصرفت، فهو حينئذ إما التسليم أو غيره أو الأعم منهما، والثاني معلوم البطلان كالثالث الذي ذهب إليه أبو حنيفة، فيتعين الأول، ويكون هو المراد حينئذ من الانصراف، ويؤيده صحيح الحلبي (2) عن الصادق (عليه السلام) " فإن قلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت " وخبر أبي كهمس (3) عنه (عليه السلام) أيضا " عن السلام عليك أيها النبي انصراف هو فقال: لا، ولكن إذا قلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف " وغيرهما، فدلالتها على الوجوب حينئذ أولى من الندب، على أن ظاهر الصحيح (4) المزبور السؤال عن تفسير لفظ المرتين الواقع في جوابه (عليه السلام) له عند سؤاله عن التشهد في الصلاة باعتبار إجماله، خصوصا بعد ما روي (5) من الاجتزاء بالشهادة بالتوحيد في الجملة، بل هو