على أن المتبع الأدلة، ولا ريب في أن مقتضاها الوجوب، أما الكتاب منها فظاهر الآية (1) وإن كان لا يخلو من بحث، وأما العقل فقاعدة الشغل بناء عليها واستصحاب معنى الاحرامية والحبس الحاصل من تكبيرة الاحرام التي هي سبب لثبوت حرمة منافيات الصلاة من الكلام وغيره، واستصحاب حكم الصلاة وحكم منافياتها، بل لعل أدلتها نحو قوله (2): " لا تحدث في الصلاة " وشبهه دالة عليه بتقريب أنه على تقديري الوجوب والندب من الصلاة، إذ القول بخروجه ضعيف وحادث يمكن تحصيل الاجماع على خلافه كما ستعرفه، وحينئذ فأصالة الحقيقة في هذه النواهي مستلزمة لوجوب التسليم، إذ على تقدير الندب لا يحرم شئ منها كما هو واضح فتأمل، وأما الاجماع فهو إن لم يمكن تحصيله فقد عرفت دعوى المركب منه من المرتضى، وفي الغنية لا خلاف في وجوب الخروج من الصلاة، وإذا ثبت ذلك فلا تخيير بلا خلاف بين أصحابنا في الخروج منها بغير التسليم من المنافيات، وكأنه أخذه من المرتضى حيث قال على ما في الذكرى إنه قد ثبت بلا خلاف وجوب الخروج من الصلاة كما ثبت الدخول فيها، فإن لم يقف الخروج منها على السلام دون غيره جاز أن يخرج بغيره من الأفعال المنافية للصلاة كما قال أبو حنيفة، وأصحابنا لا يجيزون ذلك، فثبت وجوب السلام، وفي التنقيح إن لم يجز الخروج من الصلاة إلا بالتسليم فإنه يكون واجبا، لوجوب الخروج من الصلاة إجماعا، والظاهر إرادة بين المسلمين من نفي الخلاف أولا لأن أبا حنيفة إنما خالف في تعيين السلام للخروج، فخير بينه وبين الحدث وغيره من المنافيات، وإلا فهو قد وافق على وجوب المخرج بمعنى أن الصلاة ليست كباقي الأفعال التي يحصل الخروج منها بمجرد الفراغ من أفعالها، بل هي أشبه شئ بالاحرام المتوقف
(٢٨٢)