بالاستحباب يقولون يحصل التحليل بالتشهد، ومن المعلوم أن تحصيل الحاصل محال، مع أن مفاد الخبر بقاء التحريم إلى تمام التسليم، ومنه يظهر الاستدلال بما دل (1) على أن التسليم إذن للمأمومين في الانصراف، ضرورة عدم احتياجه إلى ذلك بعد فرض حصوله بتمام التشهد، فتأمل جيدا، ووجوب الطهارة وتكبيرة الافتتاح يرجحان الوجوب فضلا عن أدلة المسألة، كل ذا مع أنه قد يدعى أن المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين كان الحمل حمل مواطاة لا حمل متعارف، وبذلك أثبتوا مفهوم الحصر في نحو زيد المنطلق والمنطلق زيد، إلى غير ذلك من القرائن والشواهد الكثيرة التي أطنبوا بذكرها في هذا المقام خصوصا الأستاذ الأكبر منهم في شرحه على المفاتيح مما نحن في غنية عنه أولا بظهور ما سمعته من النصوص في الحصر أو صراحته، وهو قرينة على غيره، ولو لوحظ خصوص ما ستسمعه إن شاء الله مما ورد (2) في حصول التحليل بالسلام علينا وحسر الانصراف فيه واشتراطه بقوله كانت المناقشة معه واهية قطعا زيادة على ذلك، مع أن فيها نفسها دلالة على المطلوب أيضا فضلا عن الشهادة على صحة مضمون هذه النصوص، فلاحظ وتأمل، وثانيا بأن المستفاد من النصوص والفتاوى جعل التسليم سببا لتحليل المنافيات التي حرمت بتكبيرة الاحرام، فهو من قبيل أسباب الشرع التوقيفية التي لا يمكن ثبوتها إلا بتوقيف من الشارع، فعدم ثبوت غيره سببا لذلك كاف في حصر التحليل فيه، وليس المراد من التحليل بسببه مجرد نفس الفراغ من الواجب، وإلا لكان آخر كل واجب تحليلا، بل المراد أنه سبب لفظي يترتب عليه عند الشارع حل المنافيات حتى لو وقع على وجه محرم كما يومي إليه النكير على العامة
(٢٨٨)